للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ثم قال: ثم كل عقد إذا عقده الذمي كان فاسدًا، فإذا عقده الحربي كان فاسدًا أيضًا؛ لأن المعنى المفسد لا يوجب الفصل بينهما.

ولو تزوج كافر بخمس نسوة أو بأختين ثم أسلم، فإن كان تزوجهن في عقد واحد فرق بينه وبينهن، وإن كان تزوجهن في عقد متفرقة صح نكاح الأربع، وبطل نكاح الخامسة.

وكذا في الأختين يصح نكاح الأولى، وبطل نكاح الثانية، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد: يختار من الخمس أربعًا، ومن الأختين واحدة، سواء تزوجهن في عقدة واحدة أو في عقد استحسانًا، وبه أخذ الشافعي.

احتج محمد بما روي: "أن غيلان (١) أسلم، وتحته عشرة نسوة، فأمره رسول - صلى الله عليه وسلم - أن يختار أربعًا منهن"، وروي "أن قيس بن الحارث أسلم وتحته ثمان نسوة، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يختار منهن أربعًا". وروي "أن فيروز الديلمي أسلم، وتحته أختان، فخيَّره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، ولم يستفسر أن نكاحهن كان دفعة واحدة أو على الترتيب، ولو كان الحكم يختلف لاستفسر، فدل أن حكم الشرع فيه هو التخيير مطلقًا.

ولأبي حنيفة وأبي يوسف: أن الجمع محرم على المسلم والكافر جميعًا؛ لأن حرمته ثبتت لمعنى معقول، وهو خوف الجور في إيفاء حقوقهن، والإفضاء إلى قطع الرحم، وهذا المعنى لا يوجب الفصل بين المسلم والكافر، إلَّا أنه لا يتعرض لأهل الذمة مع قيام الحرمة؛ لأن ذلك ديانتهم، وهو غير مستثنى من عهودهم، وقد نهينا عن التعرض لهم عن مثله بعد إعطاء الذمة، وليس لنا ولاية التعرض لأهل الحرب، فإذا أسلم فقد زال المانع، فلا يمكن من استيفاء الجمع


(١) تكلم الجصاص في "أحكام القرآن" (٢/ ١٣٤) على حديث غيلان فليحرر، انتهى. وقال ابن الجوزي في "التلقيح": اختلف في اسم هذا الثقفي، فقيل: غيلان، وقيل: عروة، وقيل: أبو مسعود، والنسوة كانت ثمانية. (ش). (انظر: "تلقيح فهوم الأثر" ص ٥٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>