للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

بين العجلاني وبين امرأته، فلما فرغا من اللعان فرَّق بينهما ثم قال عليه الصلاة والسلام: "الله يعلم أن أحدكما لكاذب، فهل منكما تائب؟ قال ذلك ثلاثًا، فأبيا ففرق بينهما".

فدلت الأحاديث على أن الفرقة لا تقع بلعان الزوج ولا بلعانها، إذ لو وقعت لما احتمل التفريق من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد وقوع الفرقة بينهما بنفس اللعان.

ثم قال: واختلف (١) العلماء فيه أيضًا، قال أبو حنيفة ومحمد: الفرقة في اللعان فرقة بتطليقة بائنة، فيزول ملك النكاح، وتثبت حرمة الاجتماع والتزوج ما داما على حالة اللعان، فإن أكذب الزوج نفسه فجلد الحد، أو أكذبت المرأة نفسها بأن صدقته، جاز النكاح بينهما ويجتمعان.

وقال أبو يوسف وزفر والحسن بن زياد: هي فرقة بغير طلاق، وإنها توجب حرمة مؤبدة كحرمة الرضاع والمصاهرة، واحتجوا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "المتلاعنان لا يجتمعان أبدًا"، وهو نص في الباب. وكذا روي عن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم- مثل عمر، وعلي، وعبد الله بن مسعود، وغيرهم رضي الله عنهم، أنهم قالوا: "المتلاعنان لا يجتمعان أبدًا".

ولأبي حنيفة ومحمد ما روي "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما لاعن بين عويمر العجلاني وبين امرأته، فقال عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها، فهي طالق ثلاثًا وفي بعض الروايات: "كذبت عليها إن لم أفارقها، فهي طالق ثلاثًا"، فصار طلاق الزوج عقيب اللعان سنة المتلاعنين؛ لأن عويمرًا طلَّق زوجته ثلاثًا بعد اللعان عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأنفذها عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيجب على كل ملاعن أن يطلق، فإذا امتنع ينوب القاضي منابه في التفريق، فيكون طلاقًا كما في العنِّين.


(١) قال الموفق (١١/ ١٤٧): فرقة لعان فسخ، وبهذا قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: هي طلاق، ولنا أنه فرقة توجب تحريمًا مؤبدًا، فكانت فسخًا كفرقة الرضاع. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>