قال ابن الهمام (١): وإذا كانت الجارية بين شريكين، فجاءت بولد، فادعاه أحدهما ثبت نسبه منه، سواء كان في المرض أو في الصحة، وصارت أم ولد له اتفاقًا، إلَّا أنه يضمن نصيب شريكه في اليسار والإعسار.
قال: وإن ادَّعياه معًا يثبت نسبه منهما، وكانت الأمة أم ولد لهما، فتخدم كلًّا منهما يومًا، وإذا مات أحدهما عتقت، ويرث الابن من كل منهما ميراث ابن كامل، ويرثان منه ميراث أب واحد، وإذا مات أحدهما كان كل من ميراث الابن للباقي منهما. وقال: وبقولنا قال الثوري، وإسحاق بن راهويه، وكان الشافعي يقوله في القديم، ورجح عليه أحمد حديث القيافة.
وقيل: يعمل به إذا فقدت القافة، وقال الشافعي - رحمه الله -: يرجع إلى قول القائف، فإن لم يوجد القائف، وقف حتى يبلغ الولد، فينسب إلى أيهم شاء، فإن لم ينسب إلى واحد منهما كان نسبه موقوفًا لا يثبت له نسب من غير أمه.
قلت: ومحصل الجواب عن استدلالهم: بأن استدلالهم ليس مبناه إلَّا على استبشاره - صلى الله عليه وسلم - وسروره بقول القائف. واستبشاره - صلى الله عليه وسلم - يحتمل أمرين: أحدهما: يحتمل أن يكون رضي بقول القائف، ومثبتًا لنسب أسامة بن زيد.
ويحتمل أن يكون استبشاره - صلى الله عليه وسلم - ردعًا لزعم أهل الجاهلية بإبطال نسب أسامة من زيد، وقد ثبت أن أهل الجاهلية تقدح في نسب أسامة، وأثبت الشرع نسبه من زيد، ولم يكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - منه في شك، بل كان على يقين بثبوت نسب أسامة من زيد، فلا يشك في أن استبشاره - صلى الله عليه وسلم - بقول القائف لم يكن على الاحتمال الأول، بل على الثاني، فلو كان الاحتمالان متساويين لم يكن في محل الاستدلال، فكيف إذا كان الاحتمال الثاني هو الأرجح، بل هو المتعين، فلا يجوز الاستدلال باستبشاره - صلى الله عليه وسلم - على إثبات أمر القائف في إثبات النسب، وهو ظاهر.