اللون، وكانت الجاهلية تعتمد قول القائف، فرح النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لكونه زاجرًا لهم عن الطعن في نسبه، وكانت أم أسامة حبشية سوداء، اسمها بركة، وكنيتها أم أيمن.
واختلفوا في العمل بقول القائف، واتفق القائلون به على أنه يشترط فيه العدالة، وهل يشترط العدد أم يكتفى بواحد؟ والأصح الاكتفاء بواحد بهذا الحديث، انتهى.
وقيل: فيه جواز الحكم بفعل القيافة، وبه قال الأئمة الثلاثة خلافًا لأبي حنيفة (١).
أقول: ليس في هذا الحديث ثبوت النسب بعلم القيافة، وإنما هو تقوية ودفع تهمة ورفع مظنة، كما إذا شهد عدل برؤية هلال ووافقه منجم، فإن قول المنجم لا يصلح أن يكون دليلًا مستقلًا لا نفيًا ولا إثباتًا، ويصح أن يكون مقويًا للدليل الشرعي، فتأمل.
قال القاضي: فيه دليل على اعتبار قول القائف في الأنساب، وأن له مدخلًا في إثباتها، وإلَّا لما استبشر به، ولا أنكر عليه، وإليه ذهب عمر، وابن عباس، وأنس، وغيرهم من الصحابة، وبه قال عطاء، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وعامة أهل الحديث، وقالوا: إذا ادَّعى رجلان أو أكثر نسب مولود مجهول النسب، ولم يكن له بينة، أو اشتركوا في وطء امرأة بالشبهة، فأتت بولد، يمكن أن يكون من كل واحد منهم، وتنازعوا فيه، حكم القائف، فبأيهم ألحقه لحقه، ولم يعتبره أصحاب أبي حنيفة، بل قالوا: يلحق الولد بهم جميعًا. وقال أبو يوسف: يلحق رجلين وثلاثًا، ولا يلحق بأكثر ولا بامرأتين، وقال أبو حنيفة: يلحق بهما أيضًا وكل ذلك ضعيف.
(١) قال ابن رسلان: ولم يقل به أبو حنيفة تمسكًا بإلغاء النبي - صلى الله عليه وسلم - الشبهة في حديث اللعان على ما تقدم، وفي حديث سودة الآتي، وإنما كان الإلغاء في هذه المواضع لعارض ... إلخ. (ش).