للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

تغتبطني النساء، يقال: غبطته (١) إذا اشتهيت أن يكون لك مثل ما له بِدَوَامه له، وحسدته إذا اشتهيت لك ما له بزواله عنه.

وهذا الحديث استدل به من قال: إن المبتوتة لا نفقة لها ولا سكنى؛ لأنه وقع في بعض طرق الحديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يجعل لها النفقة والسكنى.

واختلف فيه العلماء، فقال بعضهم: لا نفقة لها ولا سكنى، وهو قول أحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وداود، وأتباعهم، وقال بعضهم: لا نفقة لها ولها السكنى، وهو قول الشافعي والجمهور، واحتجوا لإثبات السكنى بقوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} (٢)، ولإسقاط النفقة بمفهوم قوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}، فإن مفهومه أن غير الحامل لا نفقة لها، وإلا لم يكن لتخصيصها بالذكر معنى، والسياق يفهم أنها في غير الرجعية؛ لأن نفقة الرجعية واجبة، ولو لم تكن حاملاً.

وذهب عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وعمر بن عبد العزيز، والثوري، وأهل الكوفة من الحنفية، وغيرهم إلى وجوب النفقة والسكنى، واستدلوا بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} إلى قوله: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} (٣).

فإن آخر الآية وهو النهي عن إخراجهن يدل على وجوب النفقة والسكنى.

وحكي في "البحر" عن أحمد بن حنبل أنه قال: إنها تستحق النفقة دون السكنى، واستدلوا على وجوب النفقة بقوله تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} (٤) الآية، وبقوله تعالى: {وَلَا تُضَارُّوهُنَّ} (٥)، وبأن زوجة المطلقة بائنًا


(١) في الأصل: "غبطه"، وهو تحريف.
(٢) سورة الطلاق: الآية ٦.
(٣) سورة الطلاق: الآية ١.
(٤) سورة البقرة: الآية ٢٤١.
(٥) سورة الطلاق: الآية ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>