للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وقال الشافعي: لها السكنى ولا نفقة لها، وقال ابن أبي ليلى: لا نفقة ولا سكنى، واحتجا بقوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (١)، خص الحامل بالأمر بالإنفاق عليها، فلو وجب الإنفاق على غير الحامل لبطل التخصيص.

وروي عن فاطمة بنت قيس، أنها قالت: "طلقني زوجي ثلاثًا، فلم يجعل لي النبي - صلى الله عليه وسلم - نفقة ولا سكنى"؛ ولأن النفقة تجب بالملك، وقد زال الملك بالثلاث والبائن، إلَّا أن الشافعي يقول: عرفت وجوب السكنى في الحامل بالنص بخلاف البائن.

ولنا قوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} (٢). وفي قراءة عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: "أسكنوهن من حيث سكنتم، وأنفقوا عليهن من وجدكم"، ولا اختلاف بين القراءتين، لكن إحداهما تفسير للأخرى كقوله عزَّ وجلَّ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (٣)، وقراءة ابن مسعود رضي الله عنه "أيمانهما"، وليس ذلك اختلاف القراءة، بل قراءته تفسير للقراءة الظاهرة، كذا هذا.

ولأن الأمر بالإسكان أمر بالإنفاق؛ لأنها إذا كانت محبوسة ممنوعة عن الخروج لا تقدر على اكتساب النفقة، فلو لم تكن نفقتها على الزوج، ولا مال لها لهلكت، أو ضاق الأمر عليها وعسر، وهذا لا يجوز.

وقوله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ}، من غير فصل بين ما قبل الطلاق وبعده في العدة؛ ولأن النفقة إنما وجبت قبل الطلاق لكونها محبوسة عن الخروج والبروز لحق الزوج، وقد بقي


(١) سورة الطلاق: الآية ٦.
(٢) سورة الطلاق: الآية ٦.
(٣) سورة المائدة: الآية ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>