للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وقال الشافعي: السبب هو الزوجية، وهو كونها زوجة له، وربما قالوا: السبب هو ملك النكاح للزوج عليها، وربما قالوا: القوَّامية.

واحتج بقوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} (١) الآية، أوجب النفقة عليهم لكونهم قوامين، والقوامية تثبت بالنكاح، فكانت سبب وجوب النفقة النكاح؛ لأن الإنفاق على المملوك من باب إصلاح الملك واستبقائه، فكان سبب وجوبه الملك.

ولنا: أن حق الحبس الثابت للزوج عليها بسبب النكاح مؤثر في استحقاق النفقة لها عليه لما بينا؛ لأنه قد قوبل بعوض مرة وهو المهر، فلا يقابل بعوض آخر، إذ العوض الواحد لا يقابل بعوضين، ولا حجة له في الآية؛ لأن فيها إثبات القوامية بسبب النفقة لا إيجاب النفقة بسبب القوامية.

وهذه الآيات والأحاديث وإن وردت في الزوجة لكن المعتدة في حكم الزوجة باعتبار أن النكاح قائم من وجه، فإنها محبوسة للزوج، فتستحق النفقة كما كانت تستحقها قبل الفرقة، بل أولى؛ لأن حق الحبس بعد الفرقة تأكد بحق الشرع، وتأكد السبب يوجب تأكد الحكم، فلما وجبت قبل الفرقة فبعدها أولى.

وجملة الكلام أن المعتدة إن كانت معتدة من نكاح صحيح عن طلاق، فإن كان الطلاق رجعيًا فلها النفقة والسكنى بلا خلاف, لأن ذلك النكاح قائم، فكان الحال بعد الطلاق كالحال قبله، وإن كان الطلاق ثلاثًا أو بائنًا فلها النفقة والسكنى إن كانت حاملًا بالإجماع لقوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (٢).

وإن كانت حاملًا، لها النفقة والسكنى عند أصحابنا.


(١) سورة النساء: الآية ٣٤.
(٢) سورة الطلاق: الآية ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>