للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فالجواب عنه بوجهين: إما أن يقال: إن قراءته "وعلى الذين يطوّقونه" أي: يكلفونه، كما في "البخاري" (١) عن عطاء سمع ابن عباس يقرأ: "وعلى الذين يطَوَّقونه" بفتح الطاء وتشديد الواو مبنيًا للمفعول، مخفف الطاء، "فدية طعام مسكين"، قال ابن عباس: ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فيطعمان مكان كل يوم مسكينًا.

قال الحافظ (٢): هذا مذهب ابن عباس، وخالفه الأكثر، فما وقع في حديث أبي داود من قوله: "يطَيَّقونه" بفتح الطاء وتشديد الياء الثاني بناءً للمفعول، لا من باب أطاق يطيق، ويدل عليه ما أخرجه السيوطي في "الدرّ المنثور" (٣) ما نصه: أخرج ابن جرير، وابن الأنباري، عن ابن عباس أنه قرأ: "وعلى الذين يطيقونه"، قال: يتجشمونه، يتكلفونه.

والوجه الثاني: أن يقال: إن المراد بقوله غير منسوخة في حق الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة، فأما في حق غيرهما فهي منسوخة.

قال السيوطي في "الدر المنثور" (٤): وأخرج ابن أبي حاتم، والنحاس، في "ناسخه" وابن مردويه، عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ}، فكان من شاء صام، ومن شاء أفطر وأطعم مسكينًا، ثم نزلت هذه الآية: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، فنسخت الأولى، إلَّا الفاني إن شاء أطعم عن كل يوم مسكينًا وأفطر.

وهذا دليل ظاهر على ما قلنا، وعلى هذا الوجه يوافق قول ابن عباس قول الجمهور، ولعل المصنف أورده في هذا الباب لأجل هذا الوجه، ولعل ابن عباس قال أولًا بعدم المنسوخية، ثم رجع عنه إلى قول الجمهور.


(١) "صحيح البخاري" (٤٥٠٥).
(٢) "فتح الباري" (٨/ ١٨٠).
(٣) (١/ ٤٣٣).
(٤) (١/ ٤٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>