للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ}، وَقَالَ: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (١) ". [ق ٤/ ٢٠١، السنن الكبرى للنسائي (١١٠١٨)]

===

(فقال) الله سبحانه وتعالى: ({فَمَنْ تَطَوَّعَ}) أي زاد بطريق التطوع من طعام المسكين الواحد ({خَيْرٌ}) أي طعامًا زائدًا على طعام المسكين الواحد، فأعطى مسكينين أو مساكين فهو خير له، أي الواجب أن يطعم مسكينًا واحدًا، فأما إن أطعم مسكينين أو مساكين تطوعًا (فهو خير له {وَأَنْ تَصُومُوا}) أي صيامكم ({خَيْرٌ لَكُمْ}) من الفدية، فإن الله تعالى يقول: "الصوم لي وأنا أجزي به، وللصائم فرحتان" (٢) الحديث، (وقال) الله تعالى: ({فَمَنْ شَهِدَ}) (٣) أي حضر ({مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}).

حاصل ذكر ابن عباس بذكر الآيتين: أن الآية الأولى وهي قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} الآية، تشتمل على حكمين بأن من تكلف الصوم ويتحمله بالكلفة، يجوز له أن يفتدي ويطعم مسكينًا، فخُيِّروا بين الصوم والافتداء، ثم رغبهم في الصوم بقوله: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ}، وهذان الحكمان للشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة، وكذا الآية الثانية وهي قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} تشتمل على حكمين: أحدهما: وجوب الصوم على من شهد الشهر من الرجال والنساء غير الكبيرين، والثاني: حكم من كان مريضًا يضره الصوم، أو مسافرًا، فلهم رخصة أن يفطروا ويقضوا في أيام أخر.

وأما الحامل والمرضع إذا خافتا الضرر بولدهما فمرخص في الإفطار لقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}،


(١) سورة البقرة: الآية ١٨٥.
(٢) أخرجه البخاري (١٩٠٤)، ومسلم (١١٥١)، والنسائي (٢٢١١)، وابن ماجه (٣٨٢٣).
(٣) قال ابن رسلان: اختلفوا في تفسيره، فقالت عائشة وعلي وعباس وسويد بن غفلة: إن من شهد أول الشهر يجب عليه الصوم، سافر بعده أو لا، ومن كان أول الشهر =

<<  <  ج: ص:  >  >>