للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ظاهر هذا السياق يدل على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يسرد بصوم شهرين متتابعين إلَّا أنه كان يصل شعبان بصومه حتى يقرب صوم رمضان، فإن الجملة الأولى تدل على عدم تتابع الصوم حقيقة، وأما الجملة الثانية الاستثنائية لو كان معناها أنه كان يصل شعبان برمضان حقيقة لقال إلَّا شعبان ورمضان، فزيادة قوله: "إنه كان يصل"، تدل على أن المراد بالوصول القرب.

ويؤيده ما روته عائشة - رضي الله عنها -: "كان يصومه كله إلا قليلًا بل كان يصومه كله"، وفي رواية: "كان يصوم شعبان أو عامة شعبان"، وفي رواية: "كان يصوم شعبان كله"، وفي رواية: "ولا صام شهرًا قط كاملًا غير رمضان"، وفي رواية: "لم يصم شهرًا قط منذ أتى المدينة إلَّا أن يكون رمضان"، وفي رواية: "قلت: هل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم شهرًا كله؟ قالت: لا، ما علمت صام شهرًا كله إلَّا رمضان"، وفي رواية: "قالت: والله إن صام شهرًا معلومًا سوى رمضان حتى مضى لوجهه، ولا أفطر حتى يصوم منه"، وهذه الروايات المختلفة كلها عند النسائي (١).

وأما لفظ حديث مسلم (٢): "ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استكمل صيام شهر قط، إلَّا رمضان، فما رأيته في شهر أكثر منه صيامًا في شعبان"، وفي رواية: "لم أره صائمًا من شهر قط أكثر من صيامه من شعبان، كان يصوم شعبان إلا قليلًا".

فهذه الروايات المختلفة تجمع بأن يقال: المراد بالكل أكثره، والمراد بوصله برمضان أنه يقربه برمضان، ويؤيده ما قال الترمذي (٣) بعد تخريج الحديث: وروي عن ابن المبارك أنه قال في هذا الحديث: وهو جائز في كلام العرب إذا صام أكثر الشهر أن يقال: صام الشهر كله، ويقال: قام فلان ليله


(١) انظر: "سنن النسائي" (٤/ ١٤٩).
(٢) انظر: "صحيح مسلم" (٢/ ٨٠٩)، رقم (١١٥٦).
(٣) "سنن الترمذي" (٣/ ١١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>