للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِىَّ (١) -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (٢): "إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ، فَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّى صَائِمٌ إِنِّى صَائِمٌ". [خ ١٨٩٤، م ١١٥١، ن ٢٢١٧]

===

عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا كان أحدكم صائمًا فلا يرفث) أي لا يفحش في الكلام (٣) (ولا يجهل) أي لا يعمل فعل المجهل كالصخب والسخرية، أو لا يسفه، قال القرطبي: لا يفهم من هذا أن غير يوم الصوم يباح فيه ما ذكر، وإنما المراد أن المنع من ذلك يتأكد بالصوم.

(فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم)، قال الحافظ (٤): واتفقت الروايات كلها على أنه يقول: "إني صائم"، فمنهم من ذكرها مرتين، ومنهم من اقتصر على واحدة، وقد استشكل ظاهره بأن المفاعلة تقتضي وقوع الفعل من الجانبين، والصائم لا تصدر منه الأفعال التي رتب عليها الجواب خصوصًا المقاتلة، والجواب عن ذلك أن المراد بالمفاعلة التهيُّؤ لها، أي إن تهيأ أحد لمقاتلته أو مشاتمته، فليقل: إني صائم، فإنه إذا قال ذلك أمكن أن يكف عنه، فإن أصَرَّ دفعه بالأخف فالأخف كالصائل.

واختلف في المراد بقوله: "إني صائم"، هل يخاطب بها الذي يكلمه بذلك، أو يقولها في نفسه؟ وبالثاني جزم المتولي، ونقله الرافعي عن الأئمة، ورجح النووي الأول في "الأذكار"، وقال في "شرح المهذب": كل منهما حسن، والقول باللسان أقوى، ولو جمعهما لكان حسنًا، وقال الروياني: إن كان رمضان فليقل بلسانه، وإن كان غيره فليقل في نفسه، وادَّعى ابن العربي


(١) في نسخة: "رسول الله".
(٢) زاد في نسخة: "قال: الصيام جنة فإذا كان".
(٣) قال ابن رشد في "البداية" (١/ ٣٠٧): الرفث يفسد الصوم عند أهل الظاهر. (ش).
(٤) "فتح الباري" (٤/ ١٠٤، ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>