للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ضعف قوته فيؤول أمره إلى أن يفطر، وقيل: معنى أفطر، فعلَا مكروهًا وهو الحجامة، فصارا كأنهما غير متلبسَيْن بالعبادة.

وقيل: إنه - صلى الله عليه وسلم - إنما قال: "أفطر الحاجم والمحجوم", لأنهما كان يغتابان، وقال ابن حزم: صح حديث: "أفطر الحاجم والمحجوم" بلا ريب، لكن وجدنا من حديث أبي سعيد: "أرخص النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحجامة للصائم"، وإسناده صحيح، فوجب الأخذ به, لأن الرخصة إنما تكون بعد العزيمة، فدل على نسخ الفطر بالحجامة سواء كان حاجمًا أو محجومًا، والحديث المذكور أخرجه النسائي وابن خزيمة والدارقطني، ورجاله ثقات، ولكن اختلف في رفعه ووقفه، وله شاهد من حديث أنس أخرجه الدارقطني، ولفظه: "أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم، فمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أفطر هذان، ثم رخص النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد في الحجامة للصائم، وكان أنس يحتجم وهو صائم"، ورجاله كلهم من رجال البخاري، إلَّا أن في المتن ما ينكر، لأن فيه أن ذلك كان في الفتح، وجعفر كان قتل قبل ذلك.

وقيل: إنما نهى عن الحجامة لأجل الضعف، فروى عبد الرزاق وأبو داود من طريق عبد الرحمن بن عابس، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الحجامة للصائم، وعن المواصلة، ولم يحرمهما إبقاء على أصحابه"، قوله: "إبقاء على أصحابه" يتعلق بقوله: "نهى"، وقد رواه ابن أبي شيبة عن وكيع عن الثوري بإسناده هذا، ولفظه: "عن أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - قالوا: إنما نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الحجامة للصائم وكرهها للضعف"، أي: لئلا يضعف (١).


(١) انظر: "فتح الباري" (٤/ ١٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>