للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمر (١) بالفطر، فذكر قول أبي هريرة هذا عند مروان وهو أمير المدينة، فأرسل مروان عبد الرحمن بن الحارث إلى عائشة وأم سلمة، فذهب إليهما ومعه ابنه أبو بكر، فسألهما عن المسألة، فأجابتا بالاتفاق: أن الجنابة في الصبح غير مفطر، لأنه كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصبح جنبًا من جماع غير احتلام، ثم يصوم ذلك اليوم، فرجع إلى مروان فأخبره بذلك، ثم أرسله مروان إلى أبي هريرة، فأخبره بذلك، فرجع أبو هريرة عن قوله.

قال الحافظ (٢): قال القرطبي: في هذا فائدتان، إحداهما: أنه كان يجامع في رمضان، ويؤخر الغسل إلى بعد طلوع الفجر بيانًا للجواز، والثاني: أن ذلك كان من جماع لا من احتلام, لأنه كان لا يحتلم (٣)، إذ الاحتلام من الشيطان، وهو معصوم منه.

وقال غيره: في قولها: "من غير احتلام"، إشارة إلى جواز الاحتلام عليه، وإلَّا لما كان للاستثناء معنى، ورُدَّ بأن الاحتلام من الشيطان، وهو معصوم منه، وأجيب (٤) بأن الاحتلام يطلق على الإنزال، وقد يقع (٥) الإنزال بغير روية شيء في المنام، وأرادت بالتقييد بالجماع المبالغة في الرد على من زعم أن فاعل ذلك عمدًا يفطر، وإذا كان الفاعل عمدًا لا يفطر، فالذي ينسى الاغتسال، أو ينام عنه أولى بذلك.


(١) ولفظ النسائي على ما ذكر الأبي: "أمرنا بالفطر"، ومع ذلك فالحديث مرسل، لأنه لم يسمعه عنه - صلى الله عليه وسلم -، كما صرح في روايات مسلم وغيره، فهو نص في أن صيغة المتكلم في الروايات، كما في قصة السهو ليس بنص في الحضور. (ش).
(٢) "فتح الباري" (٤/ ١٤٤).
(٣) وأجيب في "التقرير": المعتمد أنهم معصومون عن رؤية شيء في المنام، لا خروج المني لامتلاء الظرف، انتهى. (ش).
(٤) وبه جزم في "تحفة المحتاج" (١/ ٣٥٠). (ش).
(٥) وقال العيني (١١/ ٤١): جاء في الحديث امتناع الاحتلام على الأنبياء، انتهى. وذكره السيوطي في "الخصائص الكبرى" (١/ ٧٠)، وقال النووي في "تهذيب الأسماء" (١/ ٤٢): اختلفوا في جوازه، والأشهر امتناعه، انتهى. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>