للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال ابن دقيق العيد: لما كان الاحتلام يأتي للمرء على غير اختياره، فقد يتمسك به من يرخص لغير المتعمد الجماع، فبين في هذا الحديث أن ذلك كان من جماع لإزالة هذا الاحتمال.

قلت: وهذا المذهب هو الذي أجمع عليه الأئمة وارتضاه الجمهور، وقد بقي على العمل بحديث أبي هريرة بعض التابعين، كما نقله الترمذي، ويقوي قول الجمهور أن قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} (١)، يقتضي إباحة الوطء في ليلة الصوم، ومن جملتها الوقت المقارن لطلوع الفجر فيباح الجماع فيه. ومن ضرورته أن يصبح فاعل ذلك جنبًا، ويؤيد دعوى النسخ رجوع أبي هريرة عن الفتوى بذلك، كما في رواية البخاري: "أنه لما أخبر بما قالت أم سلمة وعائشة فقال: هما أعلم برسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، وفي رواية ابن جريج: "رجع أبو هريرة عما كان يقول في ذلك".

وكتب في الحاشية بطريق النسخة: قال أبو داود: وما أقل من يقول هذه الكلمة، يعني يصبح جنبًا في رمضان، أي لفظ "في رمضان" فقط، وإنما الحديث "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصبح جنبًا وهو صائم".

حاصل هذا الكلام أن رواة هذا الحديث لم يذكروا في حديثهم لفظ: "في رمضان" إلَّا القليل منهم.

قلت: وقد ذكر الأذرمي في حديثه هذا اللفظ، كما أخرجه أبو داود، وقد أخرج مسلم (٢) هذا الحديث من طريق يونس عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير وأبي بكر بن عبد الرحمن، عن عائشة، وفيه: "قد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدركه الفجر في رمضان وهو جنب" الحديث، وأخرج أيضًا من طريق مالك عن عبد ربه بن سعيد، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام،


(١) سورة البقرة: الآية ١٨٧.
(٢) "صحيح مسلم" (١١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>