للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فلا يفسد صومه، ولا قضاء عليه ولا كفارة، وقال مالك وابن أبي ليلى: إن من أكل ناسيًا فقد بطل صومه، ولزمه القضاء، واعتذر بعض المالكية عن الحديث بأنه خبر واحد مخالف للقاعدة، وهو اعتذار باطل، والحديث قاعدة مستقلة في الصيام، وأجاب بعضهم يحمل الحديث على التطوع، واعتذر بأنه لم يقع في الحديث تعيين رمضان، وهو حمل غير صحيح، يرده ما وقع في لفظ الدارقطني: "من أفطر يومًا من رمضان ناسيًا، فلا قضاء عليه ولا كفارة"، قال الدارقطني (١): تفرد به ابن مرزوق وهو ثقة عن (٢) الأنصاري.

وأما اعتذار ابن دقيق العيد عن الحديث بأن الصوم قد فات ركنه، وهو من باب المأمورات، والقاعدة: أن النسيان لا يؤثر في المأمورات، فيجاب عنه بأن غاية هذه القاعدة المدعاة أن تكون بمنزلة الدليل، فيكون حديث الباب مخصِّصًا لها، وأما قوله: "أطعمك الله وسقاك"، فهو كناية عن عدم الإثم, لأن الفعل إذا كان من الله كان الإثم منتفيًا.

واختلفوا في المُجامع، فبعضهم ألحقه بمن أكل أو شرب، وبعضهم منع من الإلحاق لقصور حالة المجامع عن حالة الآكل والشارب، وفرق بعضهم بين الأكل والشرب القليل والكثير، وظاهر الحديث عدم الفرق، ويؤيد ذلك ما أخرجه أحمد عن أم إسحاق أنها كانت عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتي بقصعة من ثريد، فأكلت معه، ثم تذكرت أنها صائمة، فقال لها ذو اليدين: الآن بعد ما شبعت؟ فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أتمي صومك فإنما هو رزق ساقه الله إليك" (٣)، وهذا ملخص ما في "النيل"، والتفصيل في "الفتح" (٤) للحافظ.


(١) "سنن الدارقطني" (٢/ ١٧٨).
(٢) وفي الأصل: "عند" وهو تحريف.
(٣) أخرجه أحمد في "مسنده" (٦/ ٣٦٧).
(٤) انظر: "فتح الباري" (٤/ ١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>