للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عُمَرُ قَالَ: رَضِينَا بِاللهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلَام دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَب اللهِ وَمِنْ غَضَبِ رَسُولِهِ (١)، فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَدِّدُهَا حَتَّى سَكَنَ غَضَبُ (٢) النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ (٣) بِمَنْ يَصُومُ الدَّهْرَ كُلَّهُ؟ قَالَ: "لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ".

قَالَ مُسَدِّدٌ: "لَمْ يَصُمْ وَلَمْ يُفْطِرْ، أَوْ مَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ" - شَكَّ غَيْلَانُ-.

===

وأيضًا كان صومه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن على منوال واحد، بل كان يختلف باختلاف الأحوال، فتارة يكثر الصوم وتارة يقله، ومثل هذا الحال لا يمكن أن يدخل تحت المقال، فيتعذر جواب السؤال، ولذا وقع لجماعة من الصحابة أنهم سألوا عن عبادته لله تعالى، فتقالُّوها فبلغه، فاشتد غضبه عليهم، وقال: "أنا أتقاكم لله وأخوفكم منه".

(فلما رأى ذلك) أي غضبه (عمر) بن الخطاب - رضي الله عنه - (قال: رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد) - صلى الله عليه وسلم - (نبيًا، نعوذ بالله من غضب الله ومن غضب رسوله، فلم يزل عمر يرددها) أي هذه الكلمات (حتى سكن غضب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال) أي عمر: (يا رسول الله كيف بمن يصوم الدهر كله؟ ) أي هل محمود أو مذموم؟

(قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا صام ولا أفطر) أي لا صام صومًا فيه كمال الفضيلة، ولا أفطر فطرًا يمنع جوعه وعطشه (قال مسدد: لم يصم ولم يفطر، أو ما صام ولا أفطر، شك غيلان)، الظاهر أن الشك مختص برواية مسدد، وأما رواية سليمان بن حرب فخالية عن الشك.

في "شرح السنَّة" (٤): معناه الدعاء عليه زجرًا له، ويجوز أن يكون إخبارًا،


(١) زاد في نسخة: "- صلى الله عليه وسلم -".
(٢) في نسخة: "من غضب".
(٣) في نسخة: "فكيف".
(٤) ٦/ ٣٦٣ - ٣٦٦)، وانظر: "مرقاة المفاتيح" (٤/ ٥٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>