للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَهَذَا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ، وَصِيَامُ عَرَفَةَ إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ،

===

(فهذا صيام الدهر) أي المحمود (كله) معناه عندي أن كل واحد منهما من صوم ثلاثة أيام من كل شهر، ومن صوم رمضان إلى رمضان، كل واحد منهما صيام الدهر، أما صوم ثلاثة أيام من كل شهر، فكونه صيام الدهر ظاهر، لأن الحسنة بعشرة أمثالها، فإن من صام ثلاثة أيام من شهر فكأنه صام الشهر، ومن صام ثلاثة أيام من شهور السنة فقد صام السنة، فهذا صيام الدهر.

وأما صيام رمضان إلى رمضان، فيحتمل أن يكون المراد أن صيام رمضان مع ست من شوال صيام الدهر، كما وقع في الرواية، أو يقال: إن صيام رمضان من حيث كونه صوم فرض يزيد على النفل، فيكون صيامه مساويًا لصيام الدهر، بل زائدًا عليه، فأخبر - صلى الله عليه وسلم - أوّلًا بأن صيام رمضان مع ست من شوال صيام الدهر، ثم أخبر - صلى الله عليه وسلم - بأن صيام رمضان فقط من غير صوم ست من شوال ليساوي صيام الدهر في الثواب.

(وصيام عرفة إني أحتسب على الله)، في "النهاية" (١): الاحتساب في الأعمال الصالحة هو البدار إلى طلب الأجر، وتحصيله باستعمال أنواع البر والقيام بها على الوجه المرسوم فيها طلبًا للثواب المرجُوِّ فيها، قال الطيبي (٢): كان الأصل أن يقال: أرجو من الله أن يكفر، فوضع موضعه أحتسب، وعداه بِعَلَى الذي للوجوب على سبيل الوعد مبالغة لحصول الثواب.

(أن يكفر) ضمير الفاعل يرجع إلى الله عزَّ وجلَّ أو الصيام (السنة التي قبله) أي ذنوبها (والسنة التي بعده) (٣)، قال إمام الحرمين (٤): والمكفر الصغائر، قال عياض: وهو مذهب أهل السنَّة والجماعة، وأما الكبائر فلا يكفرها إلَّا التوبة ورحمة الله تعالى.


(١) (١/ ٣٨٢).
(٢) "شرح الطيبي" (٤/ ١٨١).
(٣) استنبط منه في "حاشية شرح الإقناع" (٢/ ٤٠٥): الوعد بحياته في السنة الآتية،
قال ابن عباس: هذا بشرى لحياة سنة مستقبلة لمن صامه ... إلخ. (ش).
(٤) انظر: "مرقاة المفاتيح" (٤/ ٥٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>