للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ يَوْمًا وُيفْطِرُ يَوْمَيْنِ؟ قَالَ: "وَدِدْتُ أَنِّي طُوِّقْتُ (١) ذَلِكَ"، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ثَلَاثٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ،

===

(قال) عمر: (يا رسول الله، فكيف بمن يصوم يومًا ويفطر يومين؟ قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (وددت) بكسر الدال، أحببت وتمنيت (أني طوقت ذلك) أي جعلني الله مطيقًا لذلك الصيام المذكور.

نقل في "الحاشية" عن الخطابي (٢): يحتمل أن يكون إنما خاف العجز عن ذلك للحقوق التي تلزمه لنسائه، لأن ذلك يخل بحظوظهن منه، لا لضعف جِبِلَّته عن احتمال الصيام وقلة صبره عن الطعام في هذه المدة.

فإن قلت: كيف نفى الإطاقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صوم يومين وإفطار يوم، وتمنى الإطاقة في صوم يوم وإفطار يومين، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني"، فإذا كان يُطعم ويسقى من ربه تبارك وتعالى فمحال أن لا يكون مطيقًا للنوعين المذكورين من الصوم؟

والجواب عنه بوجهين: الأول: أنه - صلى الله عليه وسلم - نفى الإطاقة باعتبار عدم إطاقة الأمة، فإنه - صلى الله عليه وسلم - تمنى باليسر في الأمة، فلا يفعل أمرًا فيه عسر على الأمة.

وثانيهما: يمكن أن يكون الإطعام والسقي من الرب تبارك وتعالى مختصًا بالوصال دون غيره من الصيام.

(ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ثلاثة من كل شهر) أي صوم الإنسان ثلاثة أيام من كل شهر، قيل: هو أيام البيض، وقيل: أي ثلاث كان (ورمضان) أي وصوم رمضان من كل سنة (إلى رمضان) القياس انصرافهما, لأن المجموع المركب من المضاف والمضاف إليه جعل علمًا، فمنع من الصرف للعَلَمية والألف والنون المزيدتين، وأما الجزء الآخر منها وهو رمضان فليس بعَلَم، فيكون منصرفًا.


(١) في نسخة: "أطقت".
(٢) "معالم السنن" (٢/ ١٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>