للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَخِيَارُ أَهْلِ الأَرْضِ أَلْزَمُهُمْ مُهَاجَرَ إِبْرَاهِيمَ، وَيَبْقَى فِي الأَرْضِ شِرَارُ أَهْلِهَا، تَلْفِظُهُمْ أَرَضُوهُمْ، تَقْذَرُهُمْ نَفْسُ اللَّهِ، وَتَحْشُرُهُمْ النَّارُ مَعَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ". [حم ٢/ ٢٠٩، ك ٤/ ٤٨٦، عب ٢٠٧٩٠]

===

قال الطيبي: ويمكن أن يراد التكرير كما في قولك: لبيك وسعديك، كأنه قيل: سيحدث للناس مفارقة من الأوطان، وكل أحد يفارق وطنه إلى آخر، ويهجره هجرة بعد هجرة.

(فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر) أي موضع هجرة (إبراهيم) - عليه الصلاة والسلام -، وهو الشام (١) (ويبقى في الأرض) من الكفار والفجار (شرار أهلها تلفظهم) بكسر الفاء، أي ترميهم (أرضوهم) بفتح الراء، والمعنى ترمي شرار الناس أراضيهم من ناحية إلى ناحية أخرى.

قال الشراح: يعني ينتقل من الأراضي التي يستولي عليها الكفرة خيار أهلها، ويبقى خساس تخلفوا عن المهاجرين رغبة في الدنيا، فهم لخسة نفوسهم كالشيء المسترذل المتقذر، وكأن الأرض تستنكف عنهم فتقذفهم.

(تقذرهم) أي تكرههم (نفس الله) بسكون الفاء أي ذاته تعالى (وتحشرهم النار مع الفردة والخنازير) أي تلازمهم النار ليلًا ونهارًا، وتجمعهم مع الكفرة الذين هم باعتبار صغيرهم وكبيرهم كالقردة والخنازير، قال المظهر: النار ها هنا الفتنة، يعني تحشرهم نار الفتنة التي هي نتيجة أفعالهم القبيحة [وأقوالهم] مع القردة والخنازير لكونهم متخلقين بأخلاقهم، فيظنون أن الفتنة لا تكون إلَّا في


(١) ويشكل على الحديث ما ورد من فضائل المدينة لا سيما من قوله - عليه السلام -: "المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، ومن استطاع أن يموت في المدينة ... إلخ"، و"الإيمان يأرز إلى المدينة"، وغير ذلك كما في "جمع الفوائد" وغيره، والأوجه عندي في الجمع أن فضيلة المدينة عامة في كل الأوقات، وفضل الشام تختص بزمان المهدي - عليه السلام -، فإن الشام يكون فسطاط المسلمين إذ ذاك كما ورد مصرحًا، وإلى هذا أشار صاحب "الإشاعة". (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>