يستدلوا به، والجواب الثاني عنه ما أجاب به الشيخ ولي الدين: ويمكن تأويل الحديث بأن معناه صب الماء على وجهه لا لطمه به، انتهى.
قلت: والقرينة على ذلك أن جميع من حكوا وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يذكرون فيه اللطم، فيكون اللطم محمولاً على الصبِّ والإفاضة أو يكون شاذًّا، وأيضًا يطلق الضرب ويراد به الإلصاق، كما في قوله في هذا الحديث:"فضرب به على رجله اليمنى"، وكما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يضرب الملائكة بأجنحتها".
وثانيها: أن في هذا الحديث مسح باطن الأذنين مع الوجه وظاهرهما مع الرأس، وهو قول إسحاق، قال الترمذي: قال إسحاق: واختار أن يمسح مقدمهما مع وجهه ومؤخرهما مع رأسه، فهذا الحديث حجة له، قال الترمذي: وقال بعض أهل العلم: ما أقبل من الأذنين فمن الوجه، وما أدبر فمن الرأس.
قال الشوكاني في "النيل": والحديث يدل على أنه يغسل ما أقبل من الأذنين مع الوجه، ويمسح ما أدبر منهما مع الرأس، وإليه ذهب حسن بن صالح والشعبي.
قلت: لا دلالة في هذا الحديث على ما قال الشوكاني من أنه يغسل ما أقبل من الأذنين مع الوجه, لأن إلقام الإبهامين المبتلين في صماخ الأذنين لا يقتضي الغسل، بل يدل على المسح فقط.
وأغرب (١) من ذلك ما قال الشوكاني في شرح هذا اللفظ: "وألقم
(١) قال ابن رسلان: أي جعل إبهاميه للبياض الذي بين الأذن والعذار كاللقمة للفم، وقد استدل به الماوردي على أن البياض من الوجه، وقال مالك: ليس من الوجه، =