للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَادْعُهُمْ إِلَى إِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ، فَإِنْ أَجَابُوا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، فَإِنْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ، وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ فَلَا تُنْزِلْهُمْ، فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ مَا يَحْكُمُ اللَّهُ فِيهِمْ، وَلكِنْ أَنْزِلُوهُمْ عَلَى حُكْمِكُمْ ثُمَّ اقْضُوا فِيهِمْ بَعْدُ مَا شِئْتُمْ".

===

نصيب فيما يحصل من الغنيمة (فإن هم أبوا) عن الإسلام وهذه خصلة ثانية (فادعهم إلى إعطاء الجزية (١)) وهي الفعلة من جزى فلان فلانًا ما عليه إذا قضاه، يجزيه، وهي مثل القعدة والجلسة، والجزية: الخراج عن رقابهم الذي يبذلونه للمسلمين دفعًا عنها.

(فإن أجابوا) أي قبلوا منك (فأقبل منهم) أي الجزية (وكف عنهم) أي عن قتالهم (فإن أبوا) عن الجزية، وهذه الخصلة الثالثة (فاستعن بالله وقاتلهم، وإذا حاصرت أهل حصن) من الكفار الذين امتنعوا بتحصنهم (فأرادوك) أي طلبوا منك (أن تنزلهم) من الحصن (على حكم الله) أي ما يحكم الله فيهم (فلا تنزلهم) على حكم الله فيهم ولا على حكم رسوله (فإنكم لا تدرون ما يحكم الله فيهم، ولكن أنزلوهم على حكمكم ثم اقضوا) أي: احكموا (فيهم بعد) أي بعد تنزيلهم (ما شئتم).

قال القاري (٢): فيه حجة لمن يقول: ليس كل مجتهد مصيبًا، بل المصيب واحد، وهو الموافق لحكم الله في نفس الأمر، ومن يقول: إن كل مجتهد مصيب، يقول: معنى قوله: "فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم"، إنك لا تأمن أن ينزل علي وحي بخلاف ما حكمت.


(١) حجة للحنفية والمالكية في عموم الجزية، إلَّا أن الحنفية خصُّوه بغير العرب، وتوضيح ذلك أن الجزية تختص بأهل الكتاب والمجوس مطلقًا عند الشافعي وأحمد، وتعم كل كافر عند مالك، وعندنا بأهل الكتاب والمجوس مطلقًا وعبدة الأوثان من غير العرب كما سيأتي. (ش).
(٢) انظر: "مرقاة المفاتيح" (٧/ ٤٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>