وهذا جواب عما ارتكز في قلوبهم من الشبهة بمخالفة الآية وهي قوله تعالى:{وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}(١)، فظنوا أنهم فروا غير متحرفين للقتال وغير متحيزين إلى فئة، لأنه لم تكن لهم فئة هناك، فأزال - صلى الله عليه وسلم - هذه الشبهة، وقال:"وليتم أدباركم متحيزين إلى فئة، لأني أنا فئتكم، ففرحوا بذلك واطمأنت نفوسهم".
وكتب مولانا محمد يحيى المرحوم من تقرير شيخه - رحمه الله -: قوله: فقال: "لا بل أنتم العَكَّارون"، لا يخلو الفرار يومئذ أن يكون جائزًا لهم أولا، وعلى الأول فظاهر أنهم لم يكونوا ممن فر فرارًا استحق الوعيد عليه، وعلى الثاني فتوجيه إخراجهم عنهم أنهم لما ندموا، وعلموا أعظم ما اقترفوا فيه، سقط عنهم ذنبهم، فلم يبق عليهم شيء، وعلى الوجهين فصح تسلية النبي - صلى الله عليه وسلم - إياهم وإدخالهم في الاستثنائين المذكورين في قوله تعالى:{وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ}، ولا يترتب عليهم الجزاء المترتب على {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ}، وهذا هو الوجه في إيراد المؤلف هذه الآية ها هنا.
٢٦٤٨ - (حدثنا محمد بن هشام) بن شبيب بن أبي خيرة بكسر المعجمة وفتح التحتانية، السدوسي، أبو عبد الله البصري، نزيل مصر، قال أبو حاتم: صدوق، وقال النسائي: صالح، وقال فِي موضع آخر: لا بأس به، وقال ابن يونس: كان ثقة ثبتًا حسن الحديث، (المصري نا بشر بن المفضل، نا داود) بن أبي هند، (عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: نزلت في يوم بدر: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ}).