للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

* * *

===

واختلف أهل العلم في حكم هذه الآية، هل هو خاص في أهل بدر؟

فقال قوم: هو لأهل بدر خاصة، لأنهم لم يكن لهم أن يتركوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع عدوه وينهزموا عنه، فأما اليوم فلهم الانهزام، هكذا روي عن الحسن البصري والضحاك وأبي سعيد الخدري وغيرهم، وروي عن يزيد بن حبيب بسند فيه ابن لهيعة قال: "أوجب الله لمن فر يوم بدر النار"، قال: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ}، فلما كان يوم أحد بعد ذلك، قال: {إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ} (١)، ثم كان حنين بعد ذلك بتسع سنين فقال: "ثم وليتم مدبرين، ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء".

وقال آخرون: بل هذه الآية حكمها عام في كل من ولَّى الدبر عن العدو منهزمًا، روي ذلك عن ابن جرير الطبري (٢).

وأولى التأويلين في هذا الباب بالصواب قول من قال: حكمها محكم، وأنها نزلت في أهل بدر، وحكمها ثابت في جميع المؤمنين إذا لقوا العدو أن لا يولوهم الدبر منهزمين إلَّا لتحرف لقتال أو التحيز إلى فئة من المؤمنين حيث كانت من أرض الإسلام. والحمد لله رب العالمين.

وكتب على تمام حديث الباب على حاشية النسخة المكتوبة: هذا هو النصف الأول من السنن المجزء اثنين وثلاثين جزءًا بتجزئة الخطيب، وهذا النصف منه ستة عشر جزءًا، والله المعين الميسِّر.

* * *


(١) سورة آل عمران: الآية ١٥٥.
(٢) انظر: "جامع البيان" للطبري (٦/ ٢٠٢، ٢٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>