للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ: "مَا هَذَا يَا حَاطِبُ؟ "، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَا تَعْجَل عَلَيَّ، فَإِنِّي (١) كُنْتُ امْرَءًا مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا، وَإِنَّ قُرَيْشًا لَهُمْ بِهَا قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ بِمَكَّةَ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ أَنْ أَتَّخِذَ فِيهِمْ يَدًا يَحْمُونَ قَرَابَتِي بِهَا، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ بِي مِنْ كُفْرٍ وَلَا ارْتِدَادٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "صَدَقَكُم". فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ،

===

(فقال) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ما هذا) أي الكتاب أو الفعل الذي صدر منه من الكتابة إلى قريش (يا حاطب؟ فقال) أي حاطب: (يا رسول الله! لا تعجل علي) أي: اسمع عذري، ولا تعجل بالعقوبة أو بالملامة قبل سماع عذري، (فإني كنت امرءًا ملصقًا في قريش) أي: حليفًا لهم (ولم أكن من أنفسها) لأنه كان من بني خالفة من لخم (وإن قريشًا) أي من أصحابك المهاجرين (لهم بها) أي بمكة (قرابات يحمون بها) أي: بالقرابات (أهليهم بمكة، فأحببت إذ فاتني ذلك) أي النسب والقرابة (أن أتخذ) أي: أصطنع (فيهم يدًا) أي: إحسانًا ونعمة (يحمون) يحفظون (قرابتي) أي: أهل قرابتي (بها) أي بسبب اليد، (والله يا رسول الله ما كان بي من كفر ولا ارتداد) أي: ما فعلت ذلك كفرًا بعد إسلام، وقد علمت أن الله تعالى منزل بهم بأسه لا يغني عنهم كتابي شيئًا.

(فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صدقكم) أي في بيان العذر، وهو صادق فيه وقَبِلَ عذره (فقال عمر: دعني أضرب عنق هذا المنافق).

قال الحافظ (٢): إنما قال ذلك عمر مع تصديق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحاطب فيما اعتذر به لما كان عند عمر من القوة في الدين وبغض من ينسب إلى النفاق، وظن أن من خالف ما أمره به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استحق القتل، لكنه لم يجزم


(١) في نسخة: "وإني".
(٢) "فتح الباري" (٨/ ٦٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>