الأنصاري:(خذ قلائصك يا ابن أخي، فغير سهمك) الذي هو هذا (أردنا) أي: الذي قبلنا من سهمك بقولنا: ولنا سهمه، لم نرد به السهم الدنيوي من الغنيمة، بل الذي أردنا هو غير ذلك، وهو السهم الأخروي من الأجر والثواب.
فإن قلت: لم يقع في غزوة تبوك قتال، فلم يحصل له غنيمة، فكيف حصل لواثلة القلائص من الغنيمة أو الفيء؟
قلت: صرح أهل السير بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة، واستأسر خالد أكيدر، قال له خالد: هل لك أن نجيرك من القتل حتى آتي بك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن تفتح لي دومة الجندل، قال: نعم لك ذلك، فلما صالح خالد أكيدر، وأكيدر في وثاق، ومصاد (١) أخو أكيدر في الحصين، أبى مصاد أن يفتح باب الحصين لما رأى أخاه من الوثاق، فطلب أكيدر من خالد أن يصالحه على شيء حتى يفتح له باب الحصين، وينطلق به وبأخيه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيحكم فيهما بما شاء، فرضي خالد بذلك، فصالحه أكيدر على ألفي بعير وثمانمائة فرس وأربعمائة درع وأربعمائة رمح، ففعل خالد وخلَّى سبيله، ففتح له باب الحصين، فدخله، وحقن دمه ودم أخيه، وانطلق بهما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والنبي- صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، فلما قدم بهما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، صالحه على إعطاء الجزية، وخلَّى سبيلهما، وكتب لهما كتاب أمان.
فإن قلت: قال أهل السير: إن الذي صالح عليه خالد بن الوليد مصاد أخا أكيدر، هو ألفان من البعير، وكان الجيش ثلاثين ألفًا، فكيف حصل لواثلة قلائص؟
(١) وفي "السيرة الحلبية": وأخته مصاد. (ش). [قلت: وفي "السيرة الحلبية" (٣/ ٢٢٦): "أخيه مصاد"، فليتأمل].