ويحتجون للفداء بالمسلمين برواية عمران بن حصين قال:"أسرت ثقيف رجلين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأسر أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا من بني عامر بن صعصعة، فمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو موثق، فقال: علام أحبس؟ فقال: بجريرة حلفائك ثقيف" الحديث، وفي آخره:"ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - فداه بالرجلين اللذين كانت ثقيف أسرتهما".
ولا خلاف أنه لا يفادى الآن على هذا الوجه, لأن المسلم لا يُرَدُّ إلى أهل الحرب، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - شرط في صلح الحديبية لقريش أن من جاء منهم مسلمًا ردّه عليهم، ثم نُسِخَ ذلك، ونهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإقامة بين أظهر المشركين وقال:"أنا بريء من كل مسلم مع مشرك"، وقال:"من أقام بين أظهر المشركين فقد برئت منه الذمة".
وأما ما في الآية من ذكر السنن أو الفداء، وما روي في أسارى بدر فإن ذلك منسوخ بقوله:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}(١).
وقد روينا ذلك عن السدي وابن جريج، وقوله تعالى:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِر}، إلى قوله تعالى:{حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}، فتضمنت الآيتان وجوب القتال للكفار حتى يسلموا ويؤدوا الجزية، والفداء بالمال أو بغيره ينافي ذلك، ولم يختلف أهل التفسير، ونقلة الآثار أن سورة براءة نزلت بعد سورة محمد، فوجب أن يكون الحكم المذكور فيها ناسخًا للفداء المذكور في غيرها، وأيضًا استدلوا بقوله تعالى:{فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ} منهم، وهذا بعد الأخذ والأسر, لأن الضرب فوق الأعناق هو الإبانة من المفصل، ولا يقدر على ذلك حال القتال، ويقدر عليه بعد الأخذ والأسر.
وأما النساء والذراري فيسبين ويسترقن، سواء كن من العرب أو من غير