للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وقد ذهب إلى الأخذ بظاهر حديث الإحراق (١) أحمد في رواية, وهو قول مكحول (٢) والأوزاعي، وعن الحسن يحرق متاعه كله إلَّا الحيوان والمصحف (٣)، وقال الطحاوي: لو صح الحديث لاحتمل أن يكون حين كانت العقوبة بالمال، قاله الشوكاني (٤).

قال في "شرح السير الكبير" (٥): وإذا وجد الغلول في رحل رجل أوجِع ضربًا، ولم يبلغ به أربعين سوطًا, لأنه ارتكب جريمة ليس فيها حد مقدر، فيعزر عليها, ولا يبلغ بالتعزير شيئًا من الحد، ولا يُحرَقُ رحله بما صنع، ولا قطع عليه أيضًا؛ لأن له فيها نصيبًا، وهذا قول الجمهور من الفقهاء.

فأما أهل الشام كانوا يقولون: يحرق رحل الغال، ويروون فيه حديثًا عن الحسن - رضي الله عنه - قال: "يؤخذ الغلول من رحله، ثم يحرق رحله إلَّا أن يكون فيه مصحف"، وأصحاب الحسن يروون عنه موقوفًا، وقد ذكر الأوزاعي عن رجل، عن الحسن هذا الحديث مرفوعًا، ولكن الفقهاء لم يصححوا هذا الحديث, لأنه شاذٌّ يرويه مجهول لا يعرف، ثم هو مخالف للآثار المشهورة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألحق الوعيد بكل من ظهر منه غلول، ولم يشتغل بإحراق رحل أحد، فمن ذلك حديث مدعم، وحديث آخر: قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: استشهد فلان، فقال: "كلا إني رأيته يجر إلى النار بعباءة قد غلها"، فهذا كله دليل على عظم الوزر في الغلول، وإنه ليس فيه إحراق الرحل, لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.


(١) وبه جزم الخرقي، ولم يذكر الموفق، ولا شارح "الكبير" غير هذه الرواية. (ش).
(٢) وجماعة ذكرها الموفق بخلاف الأئمة الثلاثة. [انظر: "المغني" (١٣/ ١٧١)]. (ش).
(٣) صرَّح باستثنائهما الموفق. [انظر: "المغني" (١٣/ ١٧٠)]. (ش).
(٤) "نيل الأوطار" (٥/ ٦٢).
(٥) انظر: "السير الكبير" (٤/ ١٢٠٦ إلى ١٢١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>