للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الخمس، وهو حظ الإِمام فقط، وهو الذي اختاره الشافعي، وقال قوم: بل النفل من جملة الغنيمة، وبه قال أحمد (١) وأبو عبيد، ومن هؤلاء من أجاز تنفيل جميع الغنيمة، والسبب في اختلافهم هو: هل بين الآيتين الواردتين في المغانم تعارض، أم هما على التخيير؟ أعني قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} الآية (٢)، وقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} الآية (٣).

فمن رأى أن قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} ناسخة لقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ}، قال: لا نفل إلَّا من الخمس أو من خص الخمس، ومن رأى أن الآيتين لا معارضة بينهما وأنهما على التخيير، أعني أن للإمام أن ينفل من رأس الغنيمة من شاء، وله أن لا ينفِّل بأن يعطي جميع أرباع الغنيمة للغانمين قال بجواز النفل من رأس الغنيمة.

وأما المسألة الثانية: وهي ما مقدار ما للإمام أن ينفل من ذلك؟ عند الذين أجازوا النفل من رأس الغنيمة، فإن قومًا قالوا: لا يجوز أن ينفَّل أكثر من الثلث أوالربع على حديث حبيب بن مسلمة، وقال قوم: إن نفل الإِمام السرية جميع ما غنمت جاز مصيرًا إلى أن آية الأنفال غير منسوخة بل محكمة، وأنها على عمومها غير مخصصة، ومن رأى أنها مخصصة بهذا الأثر قال: لا يجوز أن ينفل أكثر من الثلث أو الربع.

وأما المسألة الثالثة: وهي هل يجوز الوعد بالتنفيل قبل الحرب أم ليس


(١) ما حكي من مذهب الشافعي ومالك هو الصحيح في مذهبهما، والصحيح في مذهب أحمد أن النفل من أربعة أخماس، ومذهب الحنفية أن التنفيل قبل الإحراز من أصل الغنيمة ولا يخمس، لكن الإِمام إن قيَّد بقوله: لكم كذا بعد الخمس فهو بعد الخمس، وأما بعد الإحراز بدار الإِسلام فلا يصح إلَّا من الخمس، كذا في "الأوجز" (٩/ ١٢٦). (ش).
(٢) سورة الأنفال: الآية ٤١.
(٣) سورة الأنفال: الآية ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>