للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

يجوز ذلك؟ فإنهم اختلفوا فيه، فكره ذلك مالك، وأجازه جماعة، وجه قوله أن الغزو إنما يقصد به وجه الله العظيم، ولتكون كلمة الله هي العليا، وإذا وعد الإِمام بالنفل قبل الحرب خيف أن يسفك الغزاة دماءهم في حق غير الله، ووجه قول الجماعة ظاهر حديث حبيب بن مسلمة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينفل في الغزو في البدء [الربع]، وفي القفول الثلث.

وأما المسألة الرابعة: وهي هل يجب سلب المقتول للقاتل، أو ليس يجب إلا أن ينفله الإِمام؟ فإنهم اختلفوا في ذلك، فقال مالك: لا يستحق القاتل سلب المقتول إلَّا أن ينفله له الإِمام على جهة الاجتهاد، وذلك بعد الحرب، وبه قال أبو حنيفة والثوري، وقال الشافعي وأحمد وأبو ثور وإسحاق وجماعة من السلف: هو واجب للقاتل، قال ذلك الإِمام أو لم يقله، ومن هؤلاء من جعل السلب له على كل حال، ولم يشترط في ذلك شرطًا، ومنهم من قال: لا يكون له السلب إلا إذا قتله مقبلًا غير مدبر، وبه قال الشافعي، ومنهم من قال: إنما يكون السلب للقاتل إذا كان القتل قبل معمعة الحرب أو بعدها، وأما إن قتله في حين المعمعة فليس له سلب، وبه قال الأوزاعي، وقال قوم: إن استكثر الإِمام السلب جاز أن يخمسه.

وسبب اختلافهم هو احتمال قوله عليه السلام يوم حنين بعد ما برد القتال: "من قتل قتيلًا فله سلبه"، أن يكون ذلك منه عليه الصلاة والسلام على جهة النفل، أو على جهة الاستحقاق للقاتل، ومالك - رحمه الله - قوي عنده أنه على جهة النفل من قِبَلِ أنه لم يثبت عنده أنه قال ذلك عليه الصلاة والسلام ولا قضى به إلا أيام حنين، ولمعارضة آية الغنيمة له إن حمل ذلك على الاستحقاق، أعني قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} الآية (١)، فإنه لما نص في الآية علم أن الأربعة الأخماس واجبة للغانمين، كما أنه لما نص على الثلث للأم في المواريث علم أن الثلثين للأب.


(١) سورة الأنفال: الآية ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>