للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

أو يبعث برجل ممن معه من دار الحرب إلى دار الإِسلام، ليمده بالسلاح والرجال، فلا يعود ذلك الرجل إلى الإِمام حتى يغنم غنيمة، فهو شريك فيها، وهو كمن حضرها، وكذلك من أرادها فرده الإِمام عنها، وشغله بشيء من أمور المسلمين، فهو كمن حضرها.

وأما حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - فإنما ذلك عندنا- والله أعلم- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وجه أبان إلى نجد قبل أن يتهيأ خروجه إلى خيبر، فتوجه أبان في ذلك، ثم حدث من خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى خيبر ما حدث، فكان ما غاب فيه أبان من ذلك عن حضور خيبر، ليس هو شغلًا شغله النبي - صلى الله عليه وسلم - به عن حضورها بعد إرادته إياه، فكان كمن حضرها، انتهى.

ثم إن ما وقع في هذا الحديث من قوله: "ولم يضرب لأحد غاب غيره" يخالف ما تقدم، من أن الزيلعي (١) نقل عن البيهقي فإنه قال في "المعرفة": فإن غنيمة بدر كانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - بنص الكتاب يعطي منها من يشاء، وقد قسم لجماعة لم يشهدوا.

وقال في "شرح السير الكبير" (٢): وذكر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسهم لعثمان بن عفان - رضي الله عنه - من غنائم بدر، وأسهم لطلحة بن عبيد الله ولسعيد بن زيد - رضي الله عنهما-، وكان بعثهما نحو الشام يتجسسان أخبار عير قريش، وأسهم لخمسة من الأنصار، وقد كان ردهم إلى المدينة لخبر بلغه عن المنافقين.

وفي تأويل ذلك وجوه: أحدها: أن المدينة يومئذ ما كان لها حكم دار الإِسلام بعد خروج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه منها, لكثرة اليهود والمنافقين بها، فكانوا جميعًا في دار الحرب مشغولين بما فيه منفعة للمسلمين، وبما فيه فراغ قلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: إن غنائم بدر كان الأمر فيه مفوضًا إلى


(١) "نصب الراية" (٣/ ٤٣٢).
(٢) "شرح السير الكبير" (٣/ ١٠٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>