في الجهاد في "باب سهام الفرس"، ولفظه:"أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل للفرس سهمين، ولصاحبه سهمًا"، ثم أخرج في المغازي عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال:"قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر للفرس سهمين، وللراجل سهمًا"، فزاد في الثاني لفظ:"يوم خيبر".
والجواب عنه أن معنى قوله:"للفرس سهمين" أي: للفرس مع صاحبه سهمين, لأنه قابل به للراجل، أو يقال: إن كثيرًا ما يحذف في كتابة العربية الألف، فقوله:"للفرس سهمين"، كان أصله للفارس سهمين، فحذف الألف منه, لأنه يستدل بالمقابلة بأن المراد: الفارس لا الفرس، ثم لما فهم منه الراوي أن المراد بالفرس: الفرس، دون الفارس، ففسره إذا كان مع الرجل فرس فله ثلاثة أسهم، وإن لم يكن له فرس فله سهم.
أورد البخاري هذا التفسير عن نافع في المغازي في "الصحيح"، فلما فهم نافع هذا المعنى، فرواه بالمعنى في محل آخر، كما رواه في الجهاد، فقال:"جعل للفرس سهمين ولصاحبه سهمًا، وكما رواه أبو داود وابن ماجه: "أسهم لرجل ولفرسه ثلاثة أسهم"، ولفظ ابن ماجه: "أسهم للفارس ثلاثة أسهم"، فهذه كلها روايات بالمعنى على ما فهمه الراوي. وكذلك لفظ مسلم: "أنه قسم في النفل للفرس سهمين، وللرجل سهمًا"، وكذلك لفظ الترمذي.
وأما لفظ أبي داود: "أسهم للرجل ولفرسه ثلاثة أسهم، سهمًا له، وسهمين لفرسه"، وكذلك لفظ ابن ماجه: "أسهم يوم خيبر للفارس ثلاثة أسهم، للفرس سهمان، وللرجل سهم"، فهاتان الروايتان رواهما الراوي على ما فهم، وفهمه ليس بحجة.
ويؤيده ما رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه": حدثنا أبو أسامة وابن نمير قَالَا: ثنا عبيد الله، [عن نافع]، عن ابن عمر: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل للفارس سهمين، وللراجل سهمًا"، فهذه هي الرواية التي رواها البخاري وغيره بلفظ: الفرس، فرواها ابن أبي شيبة بلفظ: "الفارس"، فهذا يؤيد ما قدمنا من التأويل الثاني.