للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قوله: "للفارس"، أي أعطى له ولفرسه سهمين، وكذلك معنى الفرس، أي أعطى الفرس ولصاحبه سهمين، وأعطى الراجل سهمًا.

(عجيبة): قال الشوكاني في "النيل" (١): وقد نقل عن أبي حنيفة - رضي الله عنه - أنه احتج لما ذهب إليه، بأنه يكره أن تفضل البهيمة على المسلم، وهذه حجة ضعيفة وشبهة ساقطة، ونصبها في مقابلة السنَّة الصحيحة المشهورة مما لا يليق بعالم، وأيضًا السهام في الحقيقة كلها للرجل لا للبهيمة، وأيضًا قد فضلت الحنفية الدابة على الإنسان في بعض الأحكام، فقالوا: لو قتل كلبَ صيد قيمته أكثر من عشرة آلاف أداها، فإن قتل عبدًا مسلمًا لم يؤد فيه إلَّا دون عشرة آلاف درهم، انتهى.

قلت: وقد أشار إلى هذا التشنيع الحافظ في "الفتح" (٢) قبل ذلك، ولكن بالغ الشوكاني في التشنيع على عادته، وخرج عن حد الأدب مع الأئمة.

وأصل الاستدلال للحنفية هكذا: إن روايات الأخبار تعارضت في الباب، روي في (٣) بعضها أن عليه الصلاة والسلام قسم للفارس سهمين، وفي بعضها أنه عليه الصلاة والسلام قسم له ثلاثة أسهم، إلَّا أن رواية السهمين عاضدها القياس، وهو أن الرجل أصل في الجهاد، والفرس تابع له, لأنه آلة، ألا ترى أن فعل الجهاد يقوم بالرجل وحده؟ ولا يقوم بالفرس وحده، فكان الفرس تابعًا في باب الجهاد، ولا يجوز تفضيل التبع على الأصل في السهم، وأخبار الآحاد إذا تعارضت فالعمل بما عاضده القياس أولى، والله سبحانه وتعالى أعلم.

فانظر أين هذا الاستدلال؟ وأين ما مسخه الشوكاني؟ وأين فيه مقابلة الشبهة الساقطة بالسنَّة الصحيحة المشهورة؟ وهل يليق هذا الصنيع بعالم؟


(١) "نيل الأوطار" (٥/ ٤٣).
(٢) "فتح الباري" (٦/ ٦٨).
(٣) في الأصل: "عن بعضها" خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>