للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

عن علي والزبير وعبد الله بن واقد بن عبد الله بن عمر، ولعلهم لم يعلموا بالناسخ، فمن عَلِمَ حجةٌ على من لم يعلم، وقد أجمع على جواز الأكل والادِّخار بعد الثلاث من بعد عصر المخالفين في ذلك.

وقد استدل بصيغة الأمر بقوله: "كلوا وتصدقوا" ونحوه من قال بوجوب الأكل من الأضحية، وحكاه النووي عن بعض السلف وأبي الطيب بن سلمة من أصحاب الشافعي، ويؤيده قوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا} (١)، وَحَمَلَ الجمهورُ هذه الأوامر على الندب والإباحة لورودها بعد الحظر، وهو عند جماعة للإباحة، وحكى النووي عن الجمهور أنه للوجوب، والكلام في ذلك مبسوط في الأصول.

وفيه دليل على وجوب التصدق من الأضحية، وبه قالت الشافعية إذا كانت أضحية تطوع، قالوا: والواجب ما يقع عليه اسم الإطعام والصدقة، ويستحب أن يكون بمعظمها، وقالوا: وأدنى الكمال أن يأكل الثلث ويتصدق بالثلث [ويهدي الثلث]، وفي قول لهم: يأكل النصف، ويتصدق بالنصف، ولهم وجه أنه لا يجب التصدق بشيء.

قال في "البدائع" (٢): وأما الذي هو بعد الذبح فالمستحب لصاحب الأضحية أن يأكل من أضحيته، لقوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا}؛ ولأنه ضيف الله جل شأنه في هذه الأيام كغيره، فله أن يأكل من ضيافة الله عزَّ شأنه.

وجملة الكلام فيه أن الدماء أنواع ثلاثة: نوع يجوز لصاحبه أن يأكل منه بالإجماع، ونوع لا يجوز له أن يأكل منه بالإجماع، ونوع اختلف فيه.

فالأول: دم الأضحية نفلًا كان أو واجبًا، منذورًا كان أو واجبًا مبتدءًا.


(١) سورة الحج، الآية ٢٨.
(٢) "بدائع الصنائع" (٤/ ٢٢٣ - ٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>