للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ونَدَّ بَعِيرٌ مِنْ إبلِ الْقَوْمِ

===

لأن الميقات في طريق المذاهب من المدينة، ومن الشام إلى مكة، وهذه بالقرب من ذات عرق بين الطائف ومكة، ووقع للقابسي أنه الميقات المشهور، وكذا ذكر النووي، قالوا: وكان ذلك عند رجوعهم من الطائف سنة ثمان.

قال الحافظ: واختلف في هذا المكان في شيئين: أحدهما سبب الإراقة، والثاني: هل أتلف اللحم أم لا؟ فأما الأول فقال عياض: كانوا انتهوا إلى دار الإِسلام، والمحل الذي لا يجوز فيه الأكل من مال الغنيمة المشتركة إلا بعد القسمة، وأن محل جواز ذلك قبل القسمة إنما هو ما داموا في دار الحرب، قال: ويحتمل أن سبب ذلك كونهم انتهبوها, ولم يأخذوها باعتدال وعلى قدر الحاجة، يدل لذلك ما أخرجه أبو داود من حديث عاصم بن كليب عن أبيه عن رجل من الأنصار وفيه: "ثم جعل يرمل اللحم بالتراب"، ثم قال: إن النهبة ليست بأحل من الميتة"، وهذا يدل على أنه عاملهم من أجل استعجالهم بنقيض قصدهم كما عومل القاتل بمنع الميراث.

وأما الثاني فقال النووي (١): المأمور به من إراقة القدور إنما هو إتلاف المرق عقوبة لهم، وأما اللحم فلم يتلفوه بل يحمل على أنه جمع ورَدَّ إلى المغنم، ولا يظن أنه أمر بإتلافه مع أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن إضاعة المال، وهذا من مال الغانمين، وأيضًا فالجناية بطبخه لم تقع من جميع مستحقي الغنيمة، فإن منهم من لم يطبخ ومنهم المستحقون للخمس، [فإن قيل: ] لم ينقل أنهم حملوا اللحم إلى المغنم، قلنا: ولم ينقل أنهم أحرقوه أو أتلفوه، فيجب تأويله على وفق القواعد إلى آخره.

وأما تعديل عشر شياه بعيرًا محمول على أن هذا كان قيمة الغنم إذ ذاك.

(ونَدَّ بعيرٌ) أي: هرَبَ منافرًا (من إبل القوم) أي: من الإبل المقسومة


(١) "شرح صحيح مسلم" (٧/ ١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>