للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فإن شرط الحل في الذكاة الاضطرارية أن يكون الموت منسوبًا إلى الجرح، ولم يكن هناك سبب آخر للموت، فإنه إذا كان للموت هناك سببان يمكن أن يضاف إليهما لا يحل، فأما إذا كان الجرح بحيث لا يمكن أن يكون سببًا للموت، والأمر الثاني سبب للموت ظاهرًا لا يحل قطعًا، وها هنا الطعن في الفخذ ليس سببًا للموت قطعًا، والتردي في الماء، وكذا التردي من الجبل سببان للموت ظاهرًا فلا يحل, لأن الموت بالتردي من الجبل أو في الماء ليس سبب الحل، فحينئذ لا يفيد (١) تأويل المصنف لهذا الحديث.

قال في "البدائع" (٢): ومنها أن يعلم أن تلف الصيد بإرسال أو رمى هو سبب الحل من حيث الظاهر، فإن شاركهما معنى أو سبب يحتمل حصول التلف به، والتلف به مما لا يفيد الحل لا يؤكل، إلا إذا كان ذلك المعنى مما لا يمكن الاحتراز عنه, لأنه إذا احتمل حصول التلف بما لا يثبت به الحل، فقد احتمل الحل والحرمة، فيرجح جانب الحرمة احتياطًا؛ لأنه إن أكل عسى أنه أكل الحرام فيأثم, وان لم يأكل فلا شيء عليه، والتحرز عن الضرر واجب عقلًا وشرعًا، والأصل فيه حديث وابصة "الحلال بَيِّنٌ والحرام بَيِّنٌ وبينهما أمور مشتبهات، فدع ما يريبك إلا ما لا يريبك" (٣).

وعلى هذا يخرج ما إذا رمى صيدًا وهو يطير فأصابه فسقط على جبل، ثم سقط منه على الأرض فمات أنه لا يؤكل, لأنه يحتمل أنه مات من الرمي،


(١) وما حققه الشيخ وإن كان موافقًا للقواعد، لكن الجزئية مصرحة في كتب الفقه من "الهداية" وغيره، وكذا يستفاد من "الكوكب الدري" و"العرف الشذي"، فتأويل المصنف صحيح مفيد.
(٢) "بدائع الصنائع" (٤/ ١٨٥).
(٣) يأتي تخريجه في المتن برقم (٣٣٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>