للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وتعالى: {وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ} (١)، على أنا إن سلمنا ذلك فلا بأس به، لأنه يحتمل أنه كان حيًا فمات بموت الأم، ويحتمل أنه لم يكن، فيحرم احتياطًا، ولأنه أصل في الحياة، فيكون له أصل في الذكاة.

والدليل على أنه أصل في الحياة أنه يتصور بقاؤه حيًا بعد ذبح الأم، ولو كان تبعًا للأم في الحياة لما تصور بقاؤه حيًا بعد زوال الحياة عن الأم، وإذا كان أصلًا في الحياة يكون أصلًا في الذكاة, لأن الذكاة تفويت الحياة، ولأنه إذا تصور بقاؤه حيًا بعد ذبح الأم لم يكن ذبح الأم سببًا لخروج الدم عنه، إذ لو كان لما تصور بقاؤه حيًا بعد ذبح الأم، إذ الحيوان الدموي لا يعيش بدون الدم عادة، فبقي الدم المسفوح فيه، ولهذا إذا جرح يسيل منه الدم، وأنه حرام لقوله سبحانه وتعالى: {دَمًا مَسْفُوحًا} (٢)، وقوله عزَّ شأنه: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ}، ولا يمكن التمييز بين لحمه ودمه فيحرم اللحم أيضًا.

وأما الحديث فقد روي بنصب الذكاة الثانية، معناه: كذكاة أمه، إذ التشبيه قد يكون بحرف التشبيه، وقد يكون بحذف حرف التشبيه، قال تعالى: {وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} (٣)، وقال عزَّ شأنه: {يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} (٤)، أي: كنظر المغشي عليه، وهذا حجة عليكم, لأن تشبيه ذكاة الجنين بذكاة أمه يقتضي استواءهما في الافتقار إلى الذكاة.

ورواية الرفع تحتمل التشبيه أيضًا، قال الله تعالى: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} (٥)، أي: عرضها كعرض السموات والأرض، فيكون حجة عليكم.


(١) سورة البقرة: الآية ٢٨.
(٢) سورة الأنعام: الآية ١٤٥.
(٣) سورة النمل: الآية ٨٨.
(٤) سورة محمد: الآية ٢٠.
(٥) سورة آل عمران: الآية ١٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>