للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال في "البدائع" (١): وعلى هذا يخرج الجنين إذا خرج بعد ذبح أمه إن خرج حيًا فذكي يحل، وإن مات قبل الذبح لا يؤكل بلا خلاف.

قلت: ولكن حكى الشامي (٢) عن "الكفاية" (٣): إن تقاربت الولادة يكره ذبحها، وهذا الفرع لقول الإِمام: وإذا خرج حيًا ولم يكن من الوقت مقدار ما يقدر على ذبحه فمات يؤكل، وهو تفريع على قولهما، انتهى.

وهذا يخالف عموم قول "البدائع": وإن مات قبل الذبح لا يؤكل بلا خلاف، وإن خرج ميتًا، فإن لم يكن كامل الخلق لا يؤكل أيضًا في قولهم جميعًا, لأنه بمعنى المضغة، وإن كان كامل الخلق اختلف فيه، قال أبو حنيفة رحمه الله: لا يؤكل، وهو قول زفر والحسن بن زياد رحمهما الله.

وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي - رحمهم الله -: لا بأس بأكله (٤)، واحتجوا بحديث "ذكاة الجنين ذكاة أمه"، فيقتضي أنه يتذكى بذكاة أمه، ولأنه تبع لأمه حقيقة وحكمًا، والحكم في التبع يثبت بعلة الأصل.

ولأبي حنيفة قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} (٥)، والجنين ميتة لأنه لا حياة فيه، والميتة ما لا حياة فيه، فيدخل تحت النص.

فإن قيل: الميتة اسم لزوال (٦) الحياة، فيستدعي تقدم الحياة, وهذا لا يعلم في الجنين.

فالجواب: أن تقدم الحياة ليس بشرط لإطلاق اسم الميت، قال الله تبارك


(١) "بدائع الصنائع" (٤/ ١٥٩ - ١٦٠).
(٢) "رد المحتار" (٩/ ٤٤١).
(٣) وكذا في "الفتاوى العالمكَيرية" (٥/ ٢٨٧) ولم يرجحوا شيئًا. (ش).
(٤) وبه قالت المالكية، كما في الدسوقي (٢/ ١١٤). (ش).
(٥) سورة المائدة: الآية ٣.
(٦) في الأصل: "لزائل"، وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>