للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قلنا: نعم، ولكن لا يسقط بالعذر، [و] كما لو قتل الكلب الصيد غمًا أو اختناقًا، وهذا لأن المقصود لا يحصل بدون الجرح وإباحة ذبح الحامل، لأنه يتوهم أن ينفصل الجنين حيًا فيذبح، ولأن المقصود لحم الأم وذبح الحيوان لغرض صحيح حلال، كما لو ذبح ما ليس بمأكول لمقصود الجلد، والمراد بالحديث التشبيه لا النيابة، أي: ذكاة الجنين كذكاة أمه.

ألا ترى أنه ذكر الجنين أولًا، ولو كان المراد النيابة لذكر النائب أولًا دون المنوب عنه، كما قيل في الألفاظ التي استشهد بها، ومثل هذا يذكر للتشبيه، يقال: فلان شبه أبيه، وحظ فلان حظ أبيه، وقال القائل:

وَعَيْنَاكِ عَيْنَاهَا وَجِيدُكِ جِيدُهَا ... سِوَى أَنَّ عظْمَ السَّاقِ مِنْكِ دَقِيقُ

والمراد التشبيه، ويصح هذا التأويل في الرواية بالنصب، فإن المنزوع حرف الكاف، قال الله تعالى: {وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} (١)، أي: كمر السحاب، ويحتمل الباء أيضًا، ولكن إن جعلنا المنزوع حرف الكاف لم يحل الجنين، وإن جعلناه حرف الباء يحل، ومتى اجتمع الموجب للحل والموجب للحرمة يغلب الموجب للحرمة.

والحديث مع القصة لا يكاد يصح، ولو ثبت فالمراد من قولهم: "فيخرج من بطنها جنين ميت"، أي: مشرف على الموت، قال الله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} (٢).

ومعنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كلوه"، أي: اذبحوه وكلوه.

والمراد بالفرش الصغار فلا يتناول الجنين، ولئن كان المراد به الجنين، ففيه بيان أن الجنين مأكول، وبه نقول، ولكن عند وجود الشرط فيه وهو أن ينفصل حيًا فيذبح فيحل به، والله تعالى أعلم.


(١) سورة النمل: الآية ٨٨.
(٢) سورة الزمر: الآية ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>