للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فيموت باحتباس نفسه، وهذا هو المنخنقة، وقال عليه الصلاة والسلام لعدي بن حاتم - رضي الله عنه -: "إذا وقعت رميتك في الماء فلا تأكل، فإنك لا تدري أن الماء قتله أم سهمك" (١).

فقد حرم الأكل عند وقوع الشك في سبب زهوق الحياة، وذلك موجود في الجنين، فإنه لا يدرى أنه مات بذبح الأم أو باحتباس نفسه، وقد يتأتى الاحتراز عنه في الجملة, لأنه قد يتوهم انفصاله حيًا ليذبح.

وعلل إبراهيم فقال: ذكاة نفس لا تكون ذكاة نفسين، ومعنى هذا أن الجنين في حكم الحياة نفس على حدة مودعة في الأم، حتى ينفصل حيًا فيبقى، ولا يتوهم بقاء الجزء حيًا بعد الانفصال، وكذلك بعد موت الأم يتوهم انفصال الجنين حيًا ولا يتوهم بقاء حياة الجزء بعد موت الأصل، والذكاة تصرف في الحياة فإذا كان في حكم الحياة نفسًا على حدة، فيشترط فيه ذكاة على حدة، ولا نقول: يتغذى بغذاء الأم، بل يُبقيه الله تعالى في بطن الأم من غير غذاء، أو يوصل الله إليه الغذاء كيف شاء، ثم بعد الانفصال قد يتغذى أيضًا بغذاء الأم بواسطة اللبن، ولم يكن في حكم الجزء، ولما جعل في سائر الأحكام تبعًا لم يتصور تقرر ذلك الحكم في الأم دونه، حتى لا يتصور انفصاله حيًا بعد موت الأم، ولو انفصل حيًا ثم مات لم يحل عندهم، فعرفنا أنه ليس بتبع في هذا الحكم.

وحقيقة المعنى فيه ما بينا أن المطلوب بالذكاة تسييل الدم لتمييز الطاهر من النجس, وبذبح الأم لا يحصل هذا المقصود في الجنين، أو المقصود تطييب اللحم بالنضج الذي يحصل بالتوقد والتلهيب، ولا يحصل ذلك في الجنين بذبح.

وهذا الجواب عما قالوا: إن الذكاة تنبني على التوسع.


(١) يأتي تخريجه في المتن برقم (٢٨٤٩ - ٢٨٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>