للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِى الْعَشْرِ الأَوَّلِ مِنْ رَجَبَ.

===

في العشر الأول من رجب).

وقد اختلفت الأحاديث الواردة في هذا الباب، فبعضها يدل على الوجوب، وهو حديث مخنف بن سليم، وحديث عائشة - رضي الله عنها - هذا، وبعضها يدل على الإذن كما في حديث أبي رزين العقيلي، وحديث الحارث بن عمرو، وحديث نبيشة الهذلي، وبعضها على المنع كما في حديث أبي هريرة وحديث ابن عمر!

فاختلفوا في الجمع بينها، فقيل: إنه يجمع بينها يحمل هذه الأحاديث على الندب، وحمل أحاديث النهي على عدم الوجوب، ذكر ذلك جماعة، منهم الشافعي والبيهقي وغيرهما، فيكون المراد بقوله: "لا فرع ولا عتيرة"، أي: لا فرع واجب ولا عتيرة واجبة، وهذا لا بد منه مع عدم العلم بالتاريخ, لأن المصير إلى الترجيح مع إمكان الجمع لا يجوز، وذهب جمهور أهل العلم (١) [إلى] أن هذه الأحاديث التي تدل على جوازها منسوخة، وادعى القاضي عياض أن جماهير العلماء على ذلك، وبه جزم الحازمي.

قلت: وتأويل المجوِّزين بأن معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا فرع"، أي: لا فرع واجب، يرده حديث: "لا عتيرة في الإِسلام ولا فرع"، وكذا لفظ أحمد: "أنه نهى عن الفرع والعتيرة"، فإنه يدل صريحًا على كونه منهيًا عنه، فبطل الاستدلال على الندب.

وما قال الشوكاني (٢): إنه لا يجوز الجزم بالنسخ إلَّا بعد ثبوت أن أحاديث النهي متأخرة ولم يثبت، ففيه أنه قال ابن المنذر: كانت العرب تفعلهما، وفعلهما بعض أهل الإِسلام بالإذن، ثم نهى عنهما،


(١) وعند الحنابلة: لا يسن ولا يكره، والمراد بالنفي نفي السنية، كما جزم في "الروض المربع" (ص ٢٦٦). (ش).
(٢) "نيل الأوطار" (٣/ ٥٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>