للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ومنها: أن يكون ما يصطاد به من الجوارح من ذي الناب من السباع وذي المخلب من الطير معلمًا؛ لقوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} (١) الآية، ففي الآية الكريمة اعتبار الشرطين وهما الجرح والتعليم, لأن الجوارح هي التي تجرح.

وحد التعليم في الكلب ومثله من ذي الناب أن يكون يمسك الصيد ولا يأكل منه، وهذا قول عامة العلماء، وقال مالك رحمه الله: تعليمه أن يتبع الصيد إذا أرسل، ويجيب إذا دعي، وهو أحد قولي الشافعي، حتى لو أخذ صيدًا فأكل منه لا يؤكل عندنا، ويؤكل عنده.

وأما تعليم ذي المخلب كالبازي، أو نحوه، فهو أن يجيب صاحبه إذا دعاه، ولا يشترط فيه الإمساك على صاحبه، حتى لو أخذ الصيد فأكل منه فلا بأس بأكل صيده بخلاف الكلب ونحوه.

والفرق من وجوه:

أحدها: أن التعليم يكون بترك العادة والطبع، والبازي من عادته التوحش من الناس والتنفر منهم بطبعه، فألفه بالناس وإجابته صاحبه إذا دعاه يكفي دليلًا على تعلمه، بخلاف الكلب فإنه ألوف بطبعه، يألف بالناس ولا يتوحش منهم، فلا يكفي هذا القدر دليل التعلم في حقه، فلا بد من زيادة أمر وهو ترك الأكل.

والثاني: أن البازي إنما يعلم بالأكل فلا يحتمل أن يخرج بالأكل عن التعليم بخلاف الكلب.

والثالث: أن الكلب يمكن تعليمه بترك الأكل بالضرب لأن جثته تتحمل الضرب، والبازي لا, لأن جثته لا تتحمل.

وقد روي عن سيدنا علي وابن عباس (٢) وسلمان الفارسي


(١) سورة المائدة: الآية ٤.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٨٥١٤) عن ابن عباس، وكذلك البيهقي (٩/ ٢٣٨) عنه وعن سلمان - رضي الله عنهما -.

<<  <  ج: ص:  >  >>