للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: "الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أنْ تَتْرُكَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً إِلَّا أُجِرْتَ فِيهَا (١) حَتَّى اللُّقْمَةَ تَرْفَعُهَا إِلَى في امْرَأَتِكَ".

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتَخَلَّفُ عَنْ هِجْرَتِي؟ قَالَ: "إِنَّكَ إِنْ تُخَلَّفْ بَعْدِي، فَتَعْمَلَ عَمَلًا تُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ لَا تَزْدَادُ بِهِ إِلَّا رِفْعَة وَدَرَجَةً،

===

(قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (الثلث) أي تصدق الثلث، (والثلث كثير) أي باعتبار ما دونه، قال ابن الملك: فيه بيان أن الإيصاء بالثلث جائز له، وأن النقص منه أولى، (إنك) استئناف (إن) بفتح الهمزة على التعليل وبكسرها على الشرطية، قال القرطبي: لا معنى للشرط ها هنا؛ لأنه يصير لا جواب له، وتعقب بأنه لا مانع من تقديره (تترك ورثتك أغنياء) أي: مستغنين عن الناس (خير من أن تدعهم عالة) جمع عائل وهو الفقير، والفعل منه عال يعيل إذا افتقر (يتكففون الناس) أي: يسألون بأكفهم، أو سأل ما يكف عنه الجوع، أو سأل كفًّا كفًّا من طعام.

(وإنك لن تنفق نفقة) تبتغي فيها وجه الله، أي: رضاه (إلَّا أجرت) بصيغة المجهول (فيها) أي: أعطيت الأجر من الله تعالى في تلك النفقة (حتى اللقمة) بالنصب عطفًا على نفقة، ويجوز الرفع على أنه مبتدأ (ترفعها) هكذا في المكتوبة القلمية والمصرية بالراء، وتؤيده رواية "البخاري" و"المشكاة"، وفي المجتبائية والقادرية والكانفورية بالدال المهملة، ولعله تصحيف من بعض النساخ (إلى في امرأتك)، والمعنى أن المنفق لابتغاء رضاه تعالى يؤجر، وإن كان محل الإنفاق محل الشهوة وحظ النفس؛ لأن الأعمال بالنيات.

(قلت: يا رسول الله، أتخلف عن هجرتي؟ ) أي: أتأخر عن ثوابها بأن أموت بمكة (قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إنك إن تُخَلَّفْ بعدي) أي: تعيش وتبقى بعد موتي (فتعمل عملًا) من الجهاد والصدقة، (تريد به وجه الله لا تزداد به) أي بذلك العمل (إلَّا رفعة ودرجة) عند الله تعالى.


(١) في نسخة بدله: "بها".

<<  <  ج: ص:  >  >>