الكبائر، (والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلَّا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم) بغير حق، (والتولي يوم الزحف) أي: الجهاد ولقاء العدو إلَّا متحرفًا لقتال، أو متحيزًا إلى فئة، (وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات).
واختلفوا في حد الكبيرة، فقيل: الكبيرة هي الموجبة للحد، وقيل: ما يلحق الوعيد بصاحبه بنص كتاب أو سنَّة، وقيل: الكبيرة كل ذنب قرن به وعيد أو لعن، وقيل: كل ذنب أدخل صاحبه النار.
ومن أحسن التعاريف قول القرطبي في "المفهم": كل ذنب أطلق عليه بنص كتاب أو سنَّة أو إجماع أنه كبيرة، أو عظيم، أو أخبر فيه بشدة العقاب، أو علق عليه الحد، أو شدد النكير عليه فهو كبيرة.
قلت: وقال ابن عطاء في "حِكَمِه": لا كبيرة إذا واجهك فضله، ولا صغيرة إذا قابلك عدله.
وقال الحليمي في "المنهاج": ما من ذنب إلَّا وفيه صغيرة وكبيرة، وقد تنقلب الصغيرة كبيرة بقرينة تضم إليها، وتنقلب الكبيرة فاحشة كذلك، إلَّا الكفر بالله، فإنه أفحش الكبائر، وليس من نوعه صغيرة، ومع ذلك فهو ينقسم إلى فاحش وأفحش.
ثم ذكر الحليمي أمثلة لما قال، فالثاني كقتل النفس بغير حق فإنه كبيرة، فإن قتل أصلًا أو فرعًا، أو ذا رحم، أو بالحرم، أو بالشهر الحرام فهو فاحشة، والزنا كبيرة، فإن كان بحليلة الجار، أو بذات رحم، أو في شهر رمضان، أو في الحرم فهو فاحشة، وشرب الخمر كبيرة، فإن كان في
(١) زاد في نسخة: "قال أبو داود: أبو الغيث سالم مولى ابن مطيع".