للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وصدقته وصلاته وصومه بقوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} (١).

فالجواب عنه أولًا أنه روي عن ابن عباس عدم إثابة (٢) الإنسان بسعي غيره وفعله منسوخ الحكم في هذه الشريعة، فالحصر المستفاد من قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} منسوخ الحكم في هذه الشريعة بقوله تعالى: {أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} (٣)، فإنه يدل على أن الذريات يدخلون الجنة بعمل آبائهم.

وقال عكرمة: كان ذلك لقوم إبراهيم وموسى، وأما هذه الأمة فلهم ما سعوا أي ما عملوا وسعى لهم غيرهم، لما روي: أن امرأة رفعت صبيًّا له عليه السلام، فقالت: ألهذا حج؟ قال: "نعم، ولك أجر"، وقال رجل: يا رسول الله، إن أمي افتلتت، وأظنها لو تكلمت لتصدقت، فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: "نعم".

وقال الشيخ تقي الدين أبو العباس: من اعتقد أن الإنسان لا ينتفع إلَّا بعمله فقد خرق الإجماع، فإن الأمة قد أجمعوا على أن الإنسان ينتفع بدعاء غيره، وهو انتفاع بعمل الغير.

وأيضًا أنه عليه الصلاة والسلام يشفع لأهل الموقف في الحساب، ثم لأهل الجنة في دخولها، ثم لأهل الكبائر في الإخراج من النار، وهو انتفاع بسعي الغير، وكذا كل نبي وصالح له شفاعة، وذلك انتفاع بعمل الغير، وأيضًا الملائكة يدعون ويستغفرون لمن في الأرض، وذلك منفعة بعمل الغير.

وأيضًا أنه تعالى يخرج طائفة من النار ممن لم يعمل خيرًا قط بمحض رحمته، وهذا انتفاع من غير سعيهم.

وأيضًا أولاد المؤمنين يدخلون الجنة بعمل آبائهم، وذلك انتفاع بمحض


(١) سورة النجم: الآية ٣٩.
(٢) في الأصل: "إصابة"، وهو تحريف، والصواب: "إثابة". انظر: "حاشية شيخ زاده" (٨/ ٢٤).
(٣) سورة الطور: الآية ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>