للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

والحج فإنها تصل بالإجماع، ودليل الشافعي وموافقيه (١) قول الله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} (٢)، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله" ... الحديث، انتهى.

قلت: ومذهب الحنفية في ذلك ما قال صاحب "رد المحتار على الدر المختار" (٣): صرح علماؤنا في باب الحج عن الغير، بأن للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة أو صومًا أو صدقة أو غيرها، كذا في "الهداية"، بل في زكاة "التاتارخانية" عن "المحيط": الأفضل لمن يتصدق نفلًا أن ينوي لجميع المؤمنين والمؤمنات؛ لأنه يصل إليهم ولا ينقص من أجره شيء، وهو مذهب أهل السنَّة والجماعة، لكن استثنى مالك والشافعي العبادات البدنية المحضة كالصلاة والتلاوة، فلا يصل ثوابها إلى الميت عندهما، بخلاف غيرها كالصدقة والحج، وخالف المعتزلة في الكل، وتمامه في "فتح القدير" (٤).

وفي "البحر" (٥): من صام أو صلَّى أو تصدق وجعل ثوابه لغيره من الأموات والأحياء جاز، ويصل ثوابها إليهم عند أهل السنَّة والجماعة، كذا في "البدائع" (٦)، ثم قال: وبهذا علم أنه لا فرق بين أن يكون المجعول له ميتًا أو حيًّا، والظاهر أنه لا فرق بين أن ينوي به عند الفعل للغير أو يفعله لنفسه، ثم بعد ذلك يجعل ثوابه لغيره، لإطلاق كلامهم (٧)، وأنه لا فرق بين الفرض والنفل.

وأما الاستدلال على نفي حصول الثواب للأحياء والأموات من الغير،


(١) قال العيني: اختلفوا في معناه على ثمانية أقوال، وذكر الشيخ التهانوي في تأليفه في "بهشتي كَوهر" (ص ١٧٠) في إيصال ثواب العبادات البدنية الروايات الكثيرة. (ش).
(٢) سورة النجم: الآية ٣٩.
(٣) "رد المحتار" (٣/ ١٥١ - ١٥٢).
(٤) "فتح القدير" (٣/ ٦٥).
(٥) "البحر الرائق" (٣/ ٦٣).
(٦) "بدائع الصنائع" (٢/ ٤٥٤).
(٧) كذا في الأصل، وفي "البحر" كلامه، وهو الظاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>