للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ومذهب الحنفية في ذلك ما قَال في "الهداية" (١): أما الخمس فيقسم على ثلاثة أسهم: سَهْمٌ لليتامى، وسَهْمٌ للمساكين، وسَهْمٌ لابن السبيل، يدخل فقراء ذوي القربى فيهم، ويقدّمون على غيرهم؛ لأن غيرهم من الفقراء يتمكنون من أخذ الصدقات، وذوو القربى لا تحل لهم، وهذه الثلاثة مصارف الخمس عندنا لا على سبيل الاستحقاق، حتى لو صرف إلى صنف واحد منهم جاز كما في الصدقات.

وقال الشافعي - رحمه الله -: لذوي القربى خمس الخمس يستوي فيه غَنِيُّهم وفقيرُهم، وبقول الشافعي قال أحمد، وعند مالك الأمر مفوض إلى رأي الإِمام إن شاء قسم بينهم، وإن شاء أعطى بعضهم دون بعضهم، وإن شاء أعطى غيرهم إن كان أمر غيرهم أهم من أمرهم.

ويقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، ويكون لبني هاشم وبني المطلب دون غيرهم من القرابات، ونحن نوافقه على أن القرابة المرادة هنا تخص بني هاشم وبني المطلب، فالخلاف في دخول الغنيِّ من ذوي القربى وعدمه، وقال المزني والثوري: يستوي فيه الذكرُ والأنثى، ويدفع للقاصي والداني.

له إطلاق قوله تعالى: {وَلِذِي الْقُرْبَى} بلا فصل بين الغنيِّ والفقير، بخلاف اليتامى فإنهم يشترطون فيهم الفقر مع تحقق الإطلاق كقولنا.

ولنا: أن الخلفاء الراشدين قسموه على ثلاثة أسهم على نحو ما قلنا، وكفى بهم قدوةً، ثم إنه لم ينكر عليهم ذلك أحد مع علم جميع الصحابة بذلك وتوافرهم، فكان إجماعًا منهم على ذلك، وبه تَبَيَّنَ أن ليس المراد من (٢) ذوي القربى قرابة الرسول عليه الصلاة والسلام، إذ لا يُظَنُّ بهم مخالفة كتاب الله


(١) (١/ ٣٩٠).
(٢) بل قرابة النصرة في زمان هجر قريش إياهم، كما بسطه في هامش الزيلعي. [انظر: "نصب الراية" (٣/ ٤٢٥)]. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>