للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وقالوا: لو كان لقرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك حظ لكانت فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم، إذ كانت أقربهم إليه نسبًا، وأمسهم به رحمًا، فلم يجعل لها حظًّا في السَّبْي الذي ذكرنا, ولم يُخدِمْها منه خادمًا، ولكنه وَكَلَها إلى ذكر الله عز وجل، لأن ما تأخذ من ذلك، إنما حكمها فيه حكم المساكين فيما تأخذ من الصدقة، فرأى أن تَرْكَها ذلك والإقبالَ على ذكر الله عَزَّ وَجَلَّ وتسبيحه وتهليله خيرٌ لها من ذلك وأفضل.

وقد قَسَمَ أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - بعد وفاة رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - جميع الخُمُسِ، فلم يَرَيَا لقرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك حقًّا خلاف حق سائر المسلمين.

فثبت بذلك أن هذا هو الحكم عندهما، وثبت - إذ لم ينكره عليهما أحدٌ من أصحاب رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يخالفهما فيه - أن ذلك كان رأيهم فيه أيضًا.

وإذا ثبت الإجماع في ذلك من أبي بكر وعمر ومن جميع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثبت القول به، ووجب العمل به، وترك خلافه، ثم هذا علي - رضي الله عنه - لما صار الأمر إليه حمل الناس على ذلك أيضًا.

وذكروا في ذلك ما قد حدثنا محمد بن خزيمة قال: ثنا يوسف بن عدي قال: ثنا عبد الله بن المبارك، عن محمد بن إسحاق قال: سألت أبا جعفر فقلت: رأيت عليَّ بنَ أبي طالب حيث وَليَ العراقَ، وما ولي من أمور الناس، كيف صنع في سهم ذوي القربى؟ قال: سلك [به]- والله - سبيل أبي بكر وعمر، قلت: وكيف؟ وأنتم تقولون ما تقولون؟ قال: إنه - والله - ما كان أهله يصدرون إلا عن رأيه، قلت: فما منعه؟ قال: كره - والله - أن يدعى عليه خلاف أبي بكر وعمر.

فهذا علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قد أجراه على ما كان أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - أجرياه عليه؛ لأنه رأى ذلك عدلًا، ولو كان رأيه خلاف ذلك مع علمه ودينه وفضله إِذَنْ لَرَدَّه إلى ما رأى.

<<  <  ج: ص:  >  >>