للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

والحديث في العمامة محتمل التأويل فلا يترك المتيقن للمحتمل، والمسح على العمامة ليس بمسح على الرأس، ورد بأنه أجزأ المسح على الشعر، ولا يسمى رأسًا، فإن قيل: يسمى رأسًا مجازًا لعلاقة المجاورة، قيل: والعمامة كذلك بتلك العلاقة، فإنه يقال: قبَّلت رأسه والتقبيل على العمامة، انتهى.

قلت: قال الإِمام محمد بن الحسن في "الموطأ": وبهذا نأخذ، لا يمسح على الخمار ولا على العمامة، بلغنا أن المسح على العمامة كان فترك، وهو قول أبي حنيفة والعامة من فقهائنا، قال مولانا عبد الحي في "تعليقه" (١): اختلفت فيه الآثار، فروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه مسح على عمامته (٢) من حديث عمرو بن أمية الضمري [وبلال] والمغيرة بن شعبة وأنس، وكلها معلولة، انتهى.

والحجة ظاهر قوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: ٦] فإن من مسح على شعور رأسه يكون ماسحًا على الرأس، وقد ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يمسح على شعر رأسه، وكان كثير الشعر، والمسح على العمامة ليس مسحًا على الرأس عرفًا وإنكاره مكابرة، فإن قيل: والعمامة كذلك، فإنه يقال: قبَّلت رأسه والتقبيل على العمامة، قلنا: كون تقبيل العمامة تقبيلًا على الرأس عرفًا لا يستلزم أن يكون حكم العرف في المسح كذلك، بل حكم المسح على خلاف ذلك، فإن المسح على العمامة ليس مسحًا على الرأس (٣).


(١) "التعليق الممجدد" (١/ ٢٨٧).
(٢) بسط طرقه صاحب "الغاية". (ش).
(٣) قال العيني (٢/ ٥٣١): أوَّله بعضهم بأن المراد منه ما تحته، وأوَّله بعضهم بأن الراوي كان بعيدًا، وأوَّله عياض بأنه يحتمل كان كالجبيرة لمرض ... إلخ، ومسح العمامة كالجبيرة جائز عند مالك، كما في "الشرح الكبير" (١/ ١٤٦)، وأجاب عنه ابن رشد في "البداية" (١/ ١٤) بعدم الاشتهار في المدينة. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>