للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وما لا يثبت، فالملك في الموات يثبت بالإحياء بإذن الإِمام عند أبي حنيفة - رحمه الله -، وعند أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله- يثبت بنفس الإحياء، وإذن الإِمام ليس بشرط، وجه قولهما قوله عليه الصلاة والسلام: "من أحيا أرضًا ميتة فهي له، وليس لعرق ظالم فيه حق"، أثبت الملك للمحيي من غير شريطة إذن الإِمام، ولأنه مباح استولى عليه فيملكه بدون إذن الإِمام، كما لو أخذ صيدًا أو هشَّ كلأ.

وقوله عليه الصلاة والسلام: "وليس لعرق ظالم فيه حق"، روي منونًا ومضافًا، فالمنون هو أن تنبت عروق أشجار إنسان في أرض غيره بغير إذنه، فلصاحب الأرض قلعها حشيشًا.

ولأبي حنيفة -عليه الرحمة- ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ليس للمرء إلا ما طابت به نفس إمامه"، فإذا لم يأذن فلم تطب نفسه به، فلا يكون له، ولأن الموات غنيمة، فلا بد للاختصاص به من إذن الإِمام كسائر الغنائم، والدليل عليه أن "غنيمة" اسم لما أصيب من أهل الحرب بإيجاف الخيل والركاب، والموات كذلك, لأن الأرض كلها كانت تحت أيدي أهل الحرب، استولى عليه المسلمون عنوة وقهرًا، فكانت كلها غنائم، فلا يختص بعض المسلمين بشيء منها من غير إذن الإِمام كسائر الغنائم، بخلاف الصيد والحطب والحشيش, لأنها لم تكن في يد أهل الحرب، فجاز أن تملك بنفس الاستيلاء وإثبات اليد عليها.

وأما الحديث فيحتمل أنه يصير مقيدًا به شرعًا، ويحتمل أنه إذن جماعة بإحياء الموات بذلك النظم، ونحن نقول بموجبه، فلا يكون حجة مع الاحتمال، نظير قوله عليه الصلاة والسلام: "من قتل قتيلًا فله سلبه"، حتى لم يصح الاحتجاج به في إيجاب السلب للقاتل على ما ذكر في "كتاب السير"، أو يحمل ذلك على حال الإذن توفيقًا بين الدلائل، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>