للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَاللَّهِ مَا مَرِضْتُ قَطُّ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "قُمْ عَنَّا فَلَسْتَ مِنَّا".

فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ عَلَيْهِ كِسَاءٌ وَفِي يَدِهِ شَيءٌ قَدِ الْتَفَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنِّي لَمَّا رَأَيْتُكَ أَقْبَلْتُ إِلَيْكَ فَمَرَرْتُ بِغَيْضَةِ شَجَرٍ فَسَمِعْتُ فِيهَا أَصْوَاتَ فِرَاخِ طَائِرٍ، فَأَخَذْتُهُنَّ فَوَضَعْتُهُنَّ في كِسَائِي، فَجَاءَتْ أُمُّهُنَّ فَاسْتَدَارَتْ عَلَى رَأسِي، فَكَشَفْتُ لَهَا عَنْهُنَّ، فَوَقَعَتْ عَلَيْهِنَّ مَعَهُنَّ، فَلَفَفْتُهُنَّ بِكِسَائِي فَهُنَّ أُولَاءِ مَعِي، قَالَ: "ضَعْهُنَّ عَنْكَ"، فَوَضَعْتُهُنَّ، وَأَبَتْ أُمُّهُنَّ إِلَّا لُزُومَهُنَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَصْحَابِهِ: "أَتَعْجَبُونَ لِرُحْمِ أُمِّ الأَفْرَاخِ فِرَاخَهَا؟ "، قَالُوا (١): نَعَمْ

===

والله ما مرضت قط، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: قم عنا فلستَ منا) أي من أهل صحبتنا وقربنا, لأنك لم تبتل بالمصيبة والبلية، وشأن المؤمن الكامل أن يبتلى، وتصيبه البلايا حتى يطهره الله في الدنيا.

(فبينا نحن عنده) أي عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إذ أقبل رجل عليه كساء، وفي يده شيء قد التف) أي لف الكساءَ (عليه) أي على الشيء (فقال) الرجل: (يا رسول الله! إني لَمَّا رأيتُكَ أقبلت إليك، فمررتُ بغيضة شجر) قال في "القاموس": والغَيْضَة بالفتح: الأَجَمَة، ومجتمع الشجر في مغيض. (فسمعت فيها) أي الغيضة (أصوات فراخ طائر) والفراخ بكسر الفاء، جمع فرخ، وهو ولد الطائر (فأخذتهن، فوضعتهن في كسائي، فجاءت أمهن، فاستدارت على رأسي، فكشفت لها) أي لأم الفراخ (عنهن) أي عن فراخها (فوقعت عليهن معهن) أي الفراخ (فَلَفَقْتُهن) أي الأمَّ وفراخَها (بكسائي، فهن أولاء معي).

(قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ضعهن عنك) أي على الأرض (فوضعتهن، وأبت أمهن إلَّا لزومهن، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: أَتعجبون لِرُحْم) قال في "الدرجات": كقفل (أمِّ الأفراخِ فراخَها؟ ) أي لرحمة أمهن لهن (قالوا: نعم،


(١) في نسخة: "فقالوا".

<<  <  ج: ص:  >  >>